للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينظر في أمرهما وقد ذكر أنه كان يركب على البراق سريعا إلى هناك والله أعلم. وعن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء الخراساني وزيد بن أسلم وغيرهم ﴿فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ بمعنى شب وارتحل وأطاق ما يفعله أبوه من السعي والعمل ﴿فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى﴾ قال عبيد بن عمير رؤيا الأنبياء وحي ثم تلا هذه الآية ﴿قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى﴾.

وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا أبو عبد الملك الكرندي حدثنا سفيان بن عيينة عن إسرائيل بن يونس عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله : «رؤيا الأنبياء في المنام وحي» ليس هو في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه وليختبر صبره وجلده وعزمه من صغره على طاعة الله تعالى وطاعة أبيه ﴿قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ﴾ أي امض لما أمرك الله من ذبحي ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصّابِرِينَ﴾ أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله ﷿ وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾ [مريم: ٥٤ - ٥٥]. وقال تعالى: ﴿فَلَمّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ أي فلما تشهدا وذكرا الله تعالى إبراهيم على الذبح والولد على شهادة الموت وقيل أسلما يعني استسلما وانقادا، إبراهيم امتثل لأمر الله تعالى وإسماعيل لطاعة الله وأبيه قاله مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وابن إسحاق وغيرهم ومعنى ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ أي صرعه على وجهه ليذبحه من قفاه ولا يشاهد وجهه عند ذبحه ليكون أهون عليه. قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ أكبّه على وجهه.

وقال الإمام أحمد (١) حدثنا سريج ويونس قالا حدثنا حماد بن سلمة عن أبي عاصم الغنوي عن أبي الطفيل عن ابن عباس أنه قال لما أمر إبراهيم بالمناسك عرض له الشيطان عند السعي فسابقه فسبقه إبراهيم ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات وثم تله للجبين وعلى إسماعيل قميص أبيض فقال له يا أبت إنه ليس لي ثوب تكفنني فيه غيره فاخلعه حتى تكفنني فيه فعالجه ليخلعه فنودي من خلفه ﴿أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا﴾ فالتفت إبراهيم فإذا بكبش أبيض أقرن أعين قال ابن عباس لقد رأيتنا نتّبع ذلك الضرب من الكباش، وذكر تمام الحديث في المناسك بطوله.


(١) مسند أحمد ١/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>