للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسخته وذهبت فتزوجت وحملوا عليه حديث ابن عباس، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا﴾ يعني أزواج المهاجرات من المشركين ادفعوا إليهم الذي غرموه عليهن من الأصدقة، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والزهري وغير واحد، وقوله تعالى: ﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ يعني إذا أعطيتموهن أصدقتهن فانكحوهن أي تزوجوهن بشرطه من انقضاء العدة والولي وغير ذلك. وقوله تعالى:

﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ﴾ تحريم من الله ﷿ على عباده المؤمنين نكاح المشركات والاستمرار معهن.

وفي الصحيح عن الزهري عن عروة عن المسور ومروان بن الحكم أن رسول الله لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية، جاءه نساء من المؤمنات فأنزل الله ﷿ ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ﴾ -إلى قوله- ﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ﴾ فطلق عمر بن الخطاب يومئذ امرأتين تزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية (١).

وقال ابن ثور عن معمر عن الزهري: أنزلت هذه الآية على رسول الله وهو بأسفل الحديبية حين صالحهم، على أنه من أتاه منهم رده إليهم، فلما جاءه النساء نزلت هذه الآية وأمره أن يرد الصداق إلى أزواجهن، وحكم على المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين أن يردوا الصداق إلى زوجها وقال ﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ﴾.

وهكذا قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم وقال: وإنما حكم الله بينهم بذلك لأجل ما كان بينهم وبينهم من العهد. وقال محمد بن إسحاق عن الزهري: طلق عمر يومئذ قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة. فتزوجها معاوية وأم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية، وهي أم عبيد الله فتزوجها أبو جهم بن حذيفة بن غانم رجل من قومه وهما على شركهما، وطلق طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب فتزوجها بعده خالد بن سعيد بن العاص (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا﴾ أي وطالبوا بما أنفقتم على أزواجكم اللاتي يذهبن إلى الكفار إن ذهبن وليطالبوا بما أنفقوا على أزواجهم اللاتي هاجرن إلى المسلمين.

وقوله تعالى: ﴿ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ أي في الصلح واستثناء النساء منه والأمر بهذا كله هو حكم الله يحكم به بين خلقه ﴿وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ أي عليم بما يصلح عباده حكيم في ذلك، ثم قال تعالى: ﴿وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا﴾


(١) أخرجه البخاري في الشروط باب ١٥، وأحمد في المسند ٤/ ٣٣١.
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ٣٢٧، وتفسير الطبري ١٢/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>