للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلن ذلك قبل ذلك منهن.

وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ﴾ فيه دلالة على أن الإيمان يمكن الاطلاع عليه يقينا.

وقوله تعالى: ﴿لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ هذه الآية هي التي حرمت المسلمات على المشركين وقد كان جائزا في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة، ولهذا كان أبو العاص بن الربيع زوج ابنة النبي زينب ، قد كانت مسلمة وهو على دين قومه، فلما وقع في الأسارى يوم بدر بعثت امرأته زينب في فدائه بقلادة لها كانت لأمها خديجة فلما رآها رسول الله رق لها رقة شديدة وقال للمسلمين: «إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فافعلوا» ففعلوا فأطلقه رسول الله على أن يبعث ابنته إليه، فوفى له بذلك وصدقه فيما وعده وبعثها إلى رسول الله مع زيد بن حارثة ، فأقامت بالمدينة من بعد وقعة بدر.

وكانت سنة اثنتين إلى أن أسلم زوجها أبو العاص بن الربيع سنة ثمان فردها عليه بالنكاح الأول ولم يحدث لها صداقا.

كما قال الإمام أحمد (١): حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، حدثنا ابن إسحاق حدثنا داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله رد ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع، وكانت هجرتها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول ولم يحدث شهادة ولا صداقا (٢)، ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجة ومنهم من يقول بعد سنتين، وهو صحيح، لأن إسلامه كان بعد تحريم المسلمات على المشركين بسنتين وقال الترمذي: ليس بإسناده بأس ولا نعرف وجه هذا الحديث ولعله جاء من حفظ داود بن الحصين، وسمعت عبد بن حميد يقول: سمعت يزيد بن هارون يذكر عن ابن إسحاق هذا الحديث وحديث ابن الحجاج يعني ابن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله رد ابنته على أبي العاص بن الربيع بمهر جديد ونكاح جديد، فقال يزيد: حديث ابن عباس أجود إسنادا والعمل على حديث عمرو بن شعيب، ثم قلت وقد روى حديث الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة وضعفه الإمام أحمد وغير واحد، والله أعلم.

وأجاب الجمهور عن حديث ابن عباس بأن ذلك كان قضية عين، يحتمل أنه لم تنقض عدتها منه لأن الذي عليه الأكثرون أنها متى انقضت العدة ولم يسلم انفسخ نكاحها منه. وقال آخرون بل إذا انقضت العدة هي بالخيار، إن شاءت أقامت على النكاح واستمرت، وإن شاءت


(١) المسند ١/ ٢٦١.
(٢) أخرجه أبو داود في الطلاق باب ٢٤، والترمذي في النكاح باب ٤٣، وابن ماجة في النكاح باب ٥٦، وأحمد في المسند ٢/ ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>