للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ، إِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ فصبر كان خيرا له وإن أصابته سراء فشكر كان خَيْرًا لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ» «١» .

[سورة يونس (١٠) : الآيات ١٣ الى ١٤]

وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣) ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)

أَخْبَرَ تَعَالَى عَمَّا أَحَلَّ بِالْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ فِي تَكْذِيبِهِمُ الرُّسُلَ فِيمَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْحُجَجِ الْوَاضِحَاتِ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ اللَّهُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ مَنْ بَعْدِهِمْ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا لِيَنْظُرَ طَاعَتَهُمْ لَهُ، وَاتِّبَاعَهُمْ رَسُولَهُ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «إن الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فناظر كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فتنة بني إسرائيل كانت من النِّسَاءِ» «٢» .

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٣» : حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا زيد بن عوف أبو ربيعة فهد أنبأنا حماد عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ سَبَبًا دُلِّيَ مِنَ السَّمَاءِ فَانْتُشِطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أُعِيدَ فَانْتُشِطَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ ذُرِعَ النَّاسُ حَوْلَ الْمِنْبَرِ ففضل عمر بثلاثة أذرع حول الْمِنْبَرِ فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنَا مِنْ رُؤْيَاكَ لَا أَرَبَ لَنَا فِيهَا فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ قَالَ: يا عوف رؤياك؟ قال وهل لك في رؤياي من حاجة أو لم تنتهرني؟ قال وَيْحَكَ إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ تَنْعَى لِخَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ فَقَصَّ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا حَتَّى إِذَا بَلَغَ ذُرِعَ النَّاسُ إِلَى الْمِنْبَرِ بِهَذِهِ الثَّلَاثِ الْأَذْرُعِ قَالَ: أَمَّا إحداهن فإنه كان خَلِيفَةً. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُ لَا يَخَافُ فِي الله لومة لائم، وأما الثلاثة فَإِنَّهُ شَهِيدٌ، قَالَ: فَقَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَقَدِ اسْتُخْلِفْتَ يَا ابْنَ أُمِّ عُمَرَ فَانْظُرْ كَيْفَ تَعْمَلُ؟ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنِّي لَا أَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ فيما شاء الله، وأما قوله: شَهِيدٌ فَأَنَّى لِعُمَرَ الشَّهَادَةُ وَالْمُسْلِمُونَ مُطِيفُونَ بِهِ؟

[سورة يونس (١٠) : الآيات ١٥ الى ١٦]

وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦)


(١) أخرجه مسلم في الزهد حديث ٦٤، وأحمد في المسند ٤/ ٣٣٢، ٣٣٣، ٦/ ١٥، ١٦.
(٢) أخرجه مسلم في الذكر حديث ٩٩.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٥٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>