إليه ﴿لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ يقول حقا؟ قال السدي وابن جرير معنى قوله ﴿لا جَرَمَ﴾ حقا.
وقال الضحاك ﴿لا جَرَمَ﴾ لا كذب وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿لا جَرَمَ﴾ يقول: بلى إن الذي تدعونني إليه من الأصنام والأنداد ﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ﴾ قال مجاهد: الوثن ليس له شيء، وقال قتادة يعني الوثن لا ينفع ولا يضر، وقال السدي:
لا يجيب داعيه لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهذا كقوله ﵎: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ وَإِذا حُشِرَ النّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ﴾ [الأحقاف: ٥ - ٦] ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ﴾ [فاطر: ١٤] وقوله: ﴿وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ﴾ أي في الدار الآخرة فيجازي كلا بعمله ولهذا قال: ﴿وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النّارِ﴾ أي خالدين فيها بإسرافهم وهو شركهم بالله ﷿: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ﴾ أي سوف تعلمون صدق ما أمرتكم به ونهيتكم عنه ونصحتكم ووضحت لكم وتتذكرونه وتندمون حيث لا ينفع الندم ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ﴾ أي وأتوكل على الله وأستعينه وأقاطعكم وأباعدكم ﴿إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ﴾ أي هو بصير بهم تعالى وتقدس فيهدي من يستحق الهداية ويضل من يستحق الإضلال وله الحجة البالغة والحكمة التامة والقدر النافذ.
وقوله ﵎: ﴿فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا﴾ أي في الدنيا والآخرة، وأما في الدنيا فنجاه الله تعالى مع موسى ﵊ وأما في الآخرة فبالجنة ﴿وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ﴾ وهو الغرق في اليم ثم النقلة منه إلى الجحيم، فإن أرواحهم تعرض على النار صباحا ومساء إلى قيام الساعة فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم في النار ولهذا قال: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ﴾ أي أشده ألما وأعظمه نكالا، وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور وهي قوله تعالى: ﴿النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾.
ولكن هاهنا سؤال وهو أنه لا شك أن هذه الآية مكية وقد استدلوا بها على عذاب القبر في البرزخ وقد قال الإمام أحمد (١) حدثنا هاشم هو ابن القاسم أبو النضر حدثنا إسحاق بن سعيد هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص حدثنا سعيد يعني أباه عن عائشة ﵂ أن يهودية كانت تخدمها فلا تصنع عائشة ﵂ إليها شيئا من المعروف إلا قالت لها اليهودية وقال الله عذاب القبر قالت ﵂: فدخل رسول الله ﷺ علي فقلت: يا رسول الله هل للقبر عذاب قبل يوم القيامة؟ قال ﷺ:«لا، من زعم ذلك؟» قالت هذه اليهودية لا أصنع إليها