للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَكَالًا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ: سمعت نصر بن علقمة يقول في قوله تعالى: وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لِلْفَضِيحَةِ، إِنَّمَا ذَلِكَ لِيُدْعَى اللَّهُ تَعَالَى لهما بالتوبة والرحمة.

[[سورة النور (٢٤) : آية ٣]]

الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)

هَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّ الزَّانِيَ لَا يَطَأُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً، أَيْ لَا يُطَاوِعُهُ عَلَى مراده من الزنا إِلَّا زَانِيَةٌ عَاصِيَةٌ، أَوْ مُشْرِكَةٌ لَا تَرَى حُرْمَةَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَيْ عَاصٍ بِزِنَاهُ. أَوْ مُشْرِكٌ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ، قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنه الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِالنِّكَاحِ، إِنَّمَا هُوَ الْجِمَاعُ لَا يَزْنِي بِهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ، وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَنْهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَيْضًا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالضِّحَاكِ وَمَكْحُولٍ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ نَحْوُ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أي تعاطيه والتزوج بالبغايا، أو تزويج العفائف بالرجال الفجار، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: حرم الله الزنا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ نِكَاحَ الْبَغَايَا، وَتَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ [النِّسَاءِ:

٢٥] . وَقَوْلُهُ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ [الْمَائِدَةِ: ٥] الآية، وَمِنْ هَاهُنَا ذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ مِنَ الرَّجُلِ الْعَفِيفِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْبَغِيِّ مَا دَامَتْ كَذَلِكَ حَتَّى تُسْتَتَابَ، فَإِنْ تَابَتْ صَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ الْعَفِيفَةِ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ الْمُسَافِحِ حَتَّى يَتُوبَ تَوْبَةً صَحِيحَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا عَارِمٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ بن سليمان قَالَ أَبِي حَدَّثَنَا الْحَضْرَمِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو رَضِيَ اللَّهُ عنهما أن رجلا من المؤمنين اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا أَمُّ مَهْزُولٍ كَانَتْ تُسَافِحُ وَتَشْتَرِطُ لَهُ أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ قَالَ فَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَ ذَكَرَ لَهُ أَمْرَهَا قَالَ: فَقَرَأَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.

وقال النسائي: أخبرنا عمر بن عدي حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الحضرمي عن الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ يُقَالُ لها أم مهزول وكانت تسافح فأراد


(١) المسند ٢/ ١٥٩، ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>