للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ ونحن مع رسول الله وما ظننا أنا خصصنا بها خاصة وكذا رواه حميد عن الحسن عن الزبير وقال داود بن أبي هند عن الحسن في هذه الآية قال نزلت في علي وعثمان وطلحة والزبير ، وقال سفيان الثوري عن الصلت بن دينار عن عقبة بن صهبان سمعت الزبير يقول: لقد قرأت هذه الآية زمانا وما أرانا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ﴾.

وقد روي من غير وجه عن الزبير بن العوام، وقال السدي: نزلت في أهل بدر خاصة فأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ يعني أصحاب النبي خاصة. وقال في رواية له عن ابن عباس في تفسير هذه الآية أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين ظهرانيهم فيعمهم الله بالعذاب، وهذا تفسير حسن جدا، ولهذا قال مجاهد في قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ هي أيضا لكم، وكذا قال الضحاك ويزيد بن أبي حبيب، وغير واحد.

وقال ابن مسعود ما منكم من أحد إلا وهو مشتمل على فتنة إن الله تعالى يقول ﴿أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: ١٥] فأيكم استعاذ فليستعذ بالله من مضلات الفتن رواه ابن جرير (١)، والقول بأن هذا التحذير يعم الصحابة وغيرهم وإن كان الخطاب معهم هو الصحيح، ويدل عليه الأحاديث الواردة في التحذير من الفتن ولذلك كتاب مستقل يوضح فيه إن شاء الله تعالى كما فعله الأئمة وأفردوه بالتصنيف ومن أخص ما يذكر هاهنا ما رواه الإمام أحمد (٢) حيث قال: حدثنا أحمد بن الحجاج أخبرنا عبد الله يعني ابن المبارك، أنبأنا سيف بن أبي سليمان سمعت عدي بن عدي الكندي يقول، حدثني مولى لنا أنه سمع جدي يعني عدي بن عميرة يقول: سمعت رسول الله يقول «إن الله ﷿ لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة» فيه رجل متهم ولم يخرجوه في الكتب الستة ولا واحد منهم والله أعلم.

حديث آخر قال الإمام أحمد (٣): حدثنا سليمان الهاشمي حدثنا إسماعيل يعني ابن جعفر أخبرني عمرو بن أبي عمر عن عبد الله بن عبد الرحمن الأشهل عن حذيفة بن اليماني أن رسول الله قال «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم» ورواه عن أبي سعيد عن إسماعيل بن جعفر وقال «أو ليبعثن الله عليكم قوما ثم تدعونه فلا يستجيب لكم».


(١) تفسير الطبري ٦/ ٢١٧.
(٢) المسند ٤/ ١٩٢.
(٣) المسند ٥/ ٣٨٨، ٣٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>