على دين عبد الله بن الثامر، وكان على ما جاء به عيسى ابن مريم ﵇ من الإنجيل وحكمه، ثم أصابهم ما أصاب أهل دينهم من الأحداث، فمن هنالك كان أصل دين النصرانية بنجران.
قال ابن إسحاق: فهذا حديث محمد بن كعب القرظي وبعض أهل نجران عن عبد الله بن الثامر فالله أعلم أي ذلك كان، قال فسار إليهم ذو نواس بجنده فدعاهم إلى اليهودية وخيرهم بين ذلك أو القتل فاختاروا القتل، فخد الأخدود فحرق بالنار وقتل بالسيف، ومثل بهم حتى قتل منهم قريبا من عشرين ألفا، ففي ذي نواس وجنده أنزل الله ﷿ على رسوله ﷺ:
﴿قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ هكذا ذكر محمد بن إسحاق في السيرة أن الذي قتل أصحاب الأخدود هو ذو نواس واسمه زرعة، ويسمى في زمان مملكته بيوسف، وهو ابن تبان أسعد أبي كرب وهو تبع الذي غزا المدينة وكسى الكعبة واستصحب معه حبرين من يهود المدينة، فكان تهود من تهود من أهل اليمن على يديهما كما ذكره ابن إسحاق مبسوطا، فقتل ذو نواس في غداة واحدة في الأخدود عشرين ألفا ولم ينج منهم سوى رجل واحد يقال له دوس ذو ثعلبان، ذهب فارسا وطردوا وراءه فلم يقدروا عليه فذهب إلى قيصر ملك الشام فكتب إلى النجاشي ملك الحبشة، فأرسل معه جيشا من نصارى الحبشة يقدمهم أرياط وأبرهة فاستنقذوا اليمن من أيدي اليهود، وذهب ذو نواس هاربا فلجج في البحر فغرق، واستمر ملك الحبشة في أيدي النصارى سبعين سنة، ثم استنقذه سيف بن ذي يزن الحميري من أيدي النصارى لما استجاش بكسرى ملك الفرس، فأرسل معه من في السجون فكانوا قريبا من سبعمائة، ففتح بهم اليمن ورجع الملك إلى حمير، وسنذكر طرفا من ذلك إن شاء الله في تفسير سورة ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ﴾ [الفيل: ١].
وقال ابن إسحاق (١): وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه حدث أن رجلا من أهل نجران كان في زمان عمر بن الخطاب حفر خربة من خرب نجران لبعض حاجته، فوجد عبد الله بن الثامر تحت دفن فيها قاعدا واضعا يده على ضربة في رأسه ممسكا عليها بيده، فإذا أخذت يده عنها تفجرت دما، وإذا أرسلت يده ردت عليها فأمسكت دمها وفي يده خاتم مكتوب فيه ربي الله، فكتب فيه إلى عمر بن الخطاب يخبره بأمره فكتب عمر إليهم أن أقروه على حاله وردوا عليه الدفن الذي كان عليه ففعلوا.
وقد قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ﵀: حدثنا أبو بلال الأشعري،