للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن جرير (١): حدثنا هناد بن السري، حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن خالد بن عرعرة، أن رجلا قال لعلي: ما البيت المعمور؟ قال: بيت في السماء يقال له الضراح، وهو بحيال الكعبة من فوقها، حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون فيه أبدا، وكذا رواه شعبة وسفيان الثوري عن سماك، وعندهما أن ابن الكواء هو السائل عن ذلك ثم رواه ابن جرير عن أبي كريب عن طلق بن غنام، عن زائدة عن عاصم عن علي بن ربيعة قال: سأل ابن الكواء عليا عن البيت المعمور قال: مسجد في السماء يقال له الضراح، يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون فيه أبدا. ورواه من حديث أبي الطفيل عن علي بمثله وقال العوفي عن ابن عباس:

هو بيت حذاء العرش تعمره الملائكة، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه. وكذا قال عكرمة ومجاهد والربيع بن أنس والسدي وغير واحد من السلف.

وقال قتادة: ذكر لنا أن رسول الله قال يوما لأصحابه: «هل تدرون ما البيت المعمور؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنه مسجد في السماء بحيال الكعبة لو خر لخر عليها، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا آخر ما عليهم» وزعم الضحاك أنه يعمره طائفة من الملائكة يقال لهم الجن من قبيلة إبليس، فالله أعلم. وقوله تعالى: ﴿وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ﴾ قال سفيان الثوري وشعبة وأبو الأحوص عن سماك عن خالد بن عرعرة عن علي ﴿وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ﴾ يعني السماء. قال سفيان ثم تلا ﴿وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ﴾ وكذا قال مجاهد وقتادة والسدي وابن جريج وابن زيد واختاره ابن جرير:

وقال الربيع بن أنس: هو العرش، يعني أنه سقف لجميع المخلوقات، وله اتجاه وهو مراد مع غيره كما قاله الجمهور.

وقوله تعالى: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ قال الربيع بن أنس: هو الماء الذي تحت العرش الذي ينزل الله منه المطر، الذي يحيي به الأجساد في قبورها يوم معادها، وقال الجمهور: هو هذا البحر، واختلف في معنى قوله المسجور فقال بعضهم: المراد أنه يوقد يوم القيامة نارا كقوله:

﴿وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ﴾ أي أضرمت فتصير نارا تتأجج محيطة بأهل الموقف. ورواه سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب. وروي عن ابن عباس وبه يقول سعيد بن جبير ومجاهد وعبد الله بن عبيد بن عمير وغيرهم. وقال العلاء بن بدر: إنما سمي البحر المسجور لأنه لا يشرب منه ماء ولا يسقى به زرع وكذلك البحار يوم القيامة. كذا رواه عنه ابن أبي حاتم.

وعن سعيد بن جبير ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ يعني المرسل، وقال قتادة: المسجور المملوء،


(١) تفسير الطبري ١١/ ٤٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>