للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطر يقول: متى أومر بالمطر فأرسله؟ قال: فكان أمر الله أسرع من أمره، قال الله ﴿يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ﴾ قال: لم يبق نار في الأرض إلا طفئت (١). وقال كعب الأحبار: لم ينتفع أحد يومئذ بنار، ولم تحرق النار من إبراهيم سوى وثاقه (٢).

وقال الثوري عن الأعمش، عن شيخ، عن علي بن أبي طالب ﴿قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ﴾ قال: لا تضريه. وقال ابن عباس وأبو العالية: لولا أن الله ﷿ قال:

وسلاما لآذى إبراهيم بردها، وقال جويبر عن الضحاك: كوني بردا وسلاما على إبراهيم، قالوا: صنعوا له حظيرة من حطب جزل، وأشعلوا فيه النار من كل جانب، فأصبح ولم يصبه منها شيء حتى أخمدها الله، قال: ويذكرون أن جبريل كان معه يمسح وجهه من العرق، فلم يصبه منها شيء غير ذلك. وقال السدي: كان معه فيها ملك الظل.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا مهران، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن المنهال بن عمرو قال: أخبرت أن إبراهيم ألقي في النار، فقال: كان فيها إما خمسين وإما أربعين، قال: ما كنت أياما وليالي قط أطيب عيشا إذ كنت فيها وددت أن عيشي وحياتي كلها مثل عيشي إذ كنت فيها (٣).

وقال أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال: إن أحسن شيء قال أبو إبراهيم لما رفع عنه الطبق وهو في النار: وجده يرشح جبينه، قال عند ذلك: نعم الرب ربك يا إبراهيم.

وقال قتادة: لم يأت يومئذ دابة إلا أطفأت عنه النار، إلا الوزغ، وقال الزهري: أمر النبي بقتله، وسماه فويسقا. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عبيد الله ابن أخى ابن وهب، حدثني عمي، حدثنا جرير بن حازم أن نافعا حدثه قال: حدثتني مولاة الفاكه بن المغيرة المخزومي قالت:

دخلت على عائشة، فرأيت في بيتها رمحا، فقلت: يا أم المؤمنين ما تصنعين بهذا الرمح؟ فقالت: نقتل به هذه الأوزاغ، إن رسول الله قال: «إن إبراهيم حين ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا تطفئ النار غير الوزغ، فإنه كان ينفخ على إبراهيم» فأمرنا رسول الله بقتله.

وقوله: ﴿وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ﴾ أي المغلوبين الأسفلين، لأنهم أرادوا بنبي الله كيدا، فكادهم الله ونجاه من النار، فغلبوا هنالك، وقال عطية العوفي: لما ألقي إبراهيم في النار، جاء ملكهم لينظر إليه، فطارت شرارة فوقعت على إبهامه، فأحرقته مثل الصوفة.


(١) انظر تفسير الطبري ٩/ ٤٣.
(٢) انظر تفسير الطبري ٩/ ٤٤.
(٣) انظر الدر المنثور ٤/ ٥٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>