للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِيَدِهِ قَضِيبٌ، فَجَعَلَ يَهْوِي بِهِ إِلَى مَتَاعِهَا، وَيَقُولُ: هَذَا الْمَتَاعُ لَوْ كَانَ لَهُ مَتَاعٌ! اذْهَبْ بِهَا إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ قَالَ: لَا، ادْعُ لِي رَبِيعَةَ بْنَ عَمْرٍو الجرسي، وَكَانَ فَقِيهًا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ أُتِيتُ بِهَا مُجَرَّدَةً فَرَأَيْتُ مِنْهَا ذَاكَ وَذَاكَ، وَإِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَبْعَثَ بِهَا إِلَى يَزِيدَ، فَقَالَ:

لَا تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ، ثُمَّ قَالَ ادْعُ لِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيَّ، فَدَعَوْتُهُ وَكَانَ آدَمَ شَدِيدَ الْأُدْمَةِ، فَقَالَ: دُونَكَ هَذِهِ بَيِّضْ بِهَا ولدك، قال:

وكان عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعَدَةَ هَذَا وَهَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ فَرَبَّتْهُ، ثُمَّ أَعْتَقَتْهُ، ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ مع معاوية من الناس على علي رضي الله عنه.

[سورة النساء (٤) : الآيات ٢٣ الى ٢٤]

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٣) وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٢٤)

هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ هِيَ آيَةُ تَحْرِيمِ الْمَحَارِمِ مِنَ النَّسَبِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنَ الرَّضَاعِ وَالْمَحَارِمِ بِالصِّهْرِ، كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ سَبْعٌ نَسَبًا وَسَبْعٌ صِهْرًا، وَقَرَأَ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ الْآيَةَ وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ، عن إسماعيل بن رجاء عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ، ثُمَّ قَرَأَ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ فَهُنَّ النَّسَبُ.

وَقَدِ اسْتَدَلَّ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَخْلُوقَةِ مِنْ مَاءِ الزَّانِي عَلَيْهِ بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى:

وَبَناتُكُمْ فَإِنَّهَا بِنْتٌ، فَتَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ شَيْءٌ فِي إِبَاحَتِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنْتًا شَرْعِيَّةً، فَكَمَا لَمْ تَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: ١١] فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَذَلِكَ لَا تَدْخُلُ في هذه الآية، والله أعلم.

وقوله تعالى: وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ أَيْ كما يحرم عليكم

<<  <  ج: ص:  >  >>