للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسن، ولا أعلم أن أحدا ذكر أبا علقمة في هذا الحديث إلا ما ذكر همام عن قتادة-كذا قال- وقد تابعه سعيد وشعبة، والله أعلم.

وقد روى الطبراني من حديث الضحاك عن ابن عباس: أنها نزلت في سبايا خيبر، وذكر مثل حديث أبي سعيد، وقد ذهب جماعة من السلف إلى أن بيع الأمة يكون طلاقا لها من زوجها أخذا بعموم هذه الآية، وقال ابن جرير (١): حدثنا ابن مثنى، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم أنه سئل عن الأمة تباع ولها زوج؟ قال: كان عبد الله يقول:

بيعها طلاقها. ويتلو هذه الآية ﴿وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ﴾ وكذا رواه سفيان عن منصور ومغيرة والأعمش عن إبراهيم عن ابن مسعود، قال: بيعها طلاقها وهو منقطع، ورواه سفيان الثوري عن خالد، عن أبي قلابة، عن ابن مسعود، قال: إذا بيعت الأمة ولها زوج، فسيدها أحق ببضعها. ورواه سعيد عن قتادة، قال: إن أبي بن كعب وجابر بن عبد الله وابن عباس، قالوا: بيعها طلاقها. وقال ابن جرير (٢): حدثني يعقوب بن إبراهيم قال:

حدثنا ابن علية عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: طلاق الأمة ست: بيعها طلاقها، وعتقها طلاقها، وهبتها طلاقها، وبراءتها طلاقها، وطلاق زوجها طلاقها، وقال عبد الرزاق:

أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب قوله ﴿وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ﴾ قال: هنّ ذوات الأزواج حرم الله نكاحهن إلا ما ملكت يمينك، فبيعها طلاقها. قال معمر: وقال الحسن مثل ذلك، وهكذا رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن في قوله ﴿وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ﴾ قال إذا كان لها زوج، فبيعها طلاقها. وروى عوف عن الحسن:

بيع الأمة طلاقها، وبيعه طلاقها.

فهذا قول هؤلاء من السلف، وقد خالفهم الجمهور قديما وحديثا، فرأوا أن بيع الأمة ليس طلاقا لها لأن المشتري نائب عن البائع، والبائع كان قد أخرج عن ملكه هذه المنفعة وباعها مسلوبة عنها، واعتمدوا في ذلك على حديث بريرة المخرج في الصحيحين (٣) وغيرهما، فإن عائشة أم المؤمنين اشترتها ونجزت عتقها، ولم ينفسخ نكاحها من زوجها مغيث، بل خيرها رسول الله ، بين الفسخ والبقاء، فاختارت الفسخ وقصتها مشهورة، فلو كان بيع الأمة طلاقها كما قال هؤلاء ما خيرها النبي ، فلما خيرها دل على بقاء النكاح، وأن المراد من الآية المسبيات فقط، والله أعلم.

وقد قيل: المراد بقوله ﴿وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ﴾ يعني العفائف حرام عليكم حتى تملكوا عصمتهن بنكاح وشهود ومهور وولي، واحدة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا، حكاه ابن


(١) تفسير الطبري ٤/ ٤.
(٢) تفسير الطبري ٤/ ٥.
(٣) صحيح البخاري (شروط باب ٣ وطلاق باب ١٤) وصحيح مسلم (عتق حديث ٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>