للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرير (١) عن أبي العالية وطاوس وغيرهما. وقال عمر وعبيدة ﴿وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ﴾ ما عدا الأربع حرام عليكم إلا ما ملكت أيمانكم.

وقوله تعالى: ﴿كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ﴾ أي هذا التحريم كتاب كتبه الله عليكم، فالزموا كتابه، ولا تخرجوا عن حدوده، والزموا شرعه وما فرضه. وقال عبيدة وعطاء والسدي في قوله ﴿كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ﴾ يعني الأربع. وقال إبراهيم ﴿كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ﴾ يعني ما حرم عليكم.

وقوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ﴾ أي ما عدا من ذكرن من المحارم، هن لكم حلال، قاله عطاء وغيره. وقال عبيدة والسدي ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ﴾ ما دون الأربع، وهذا بعيد، والصحيح قول عطاء كما تقدم. وقال قتادة: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ﴾ يعني ما ملكت أيمانكم، وهذه الآية هي التي احتج بها من احتج على تحليل الجمع بين الأختين، وقول من قال: أحلتهما آية وحرمتهما آية.

وقوله تعالى: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ﴾ أي تحصلوا بأموالكم من الزوجات إلى أربع، أو السراري ما شئتم بالطريق الشرعي، ولهذا قال ﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ﴾.

وقوله تعالى: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ أي كما تستمتعون بهن فآتوهن مهورهن في مقابلة ذلك، كما قال تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ﴾ [النساء: ٢١] وكقوله تعالى: ﴿وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤]، وكقوله ﴿وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً﴾ [البقرة: ٢٢٩] وقد استدل بعموم هذه الآية على نكاح المتعة، ولا شك أنه كان مشروعا في ابتداء الإسلام، ثم نسخ بعد ذلك، وقد ذهب الشافعي وطائفة من العلماء إلى أنه أبيح ثم نسخ مرتين. وقال آخرون: أكثر من ذلك. وقال آخرون: إنما أبيح مرة ثم نسخ ولم يبح بعد ذلك. وقد روي عن ابن عباس وطائفة من الصحابة القول بإباحتها للضرورة، وهو راوية عن الإمام أحمد، وكان ابن عباس وأبي بن كعب وسعيد بن جبير والسدي يقرءون «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة»، وقال مجاهد: نزلت في نكاح المتعة، ولكن الجمهور على خلاف ذلك. والعمدة ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، قال: نهى رسول الله عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر (٢). ولهذا الحديث ألفاظ مقررة هي في كتاب الأحكام. وفي صحيح مسلم عن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني، عن أبيه، أنه غزا مع رسول الله يوم فتح مكة، فقال «يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء،


(١) تفسير الطبري ٤/ ٦)
(٢) صحيح البخاري (نكاح باب ٣١) وصحيح مسلم (نكاح حديث ٢٩ - ٣١)

<<  <  ج: ص:  >  >>