للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ نزلت في الذين طعنوا على النبي في تزويجه صفية بنت حيي بن أخطب. والظاهر أن الآية عامة في كل من آذاه بشيء ومن آذاه فقد آذى الله كما أن من أطاعه فقد أطاع الله كما قال الإمام أحمد (١): حدثنا يونس حدثنا إبراهيم بن سعد عن عبيدة بن أبي رائطة الحذاء التميمي عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن المغفل المزني قال: قال رسول الله : «الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه» وقد رواه الترمذي (٢) من حديث عبيدة بن أبي رائطة عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن المغفل به، ثم قال وهذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا﴾ أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه ﴿فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾ وهذا هو البهت الكبير أن يحكى أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب والتنقص لهم، ومن أكثر من يدخل في هذا الوعيد الكفرة بالله ورسوله ثم الرافضة الذين يتنقصون الصحابة ويعيبونهم بما قد برأهم الله منه ويصفونهم بنقيض ما أخبر الله عنهم فإن الله ﷿ قد أخبر أنه قد رضي عن المهاجرين والأنصار ومدحهم وهؤلاء الجهلة الأغبياء يسبونهم وينتقصونهم ويذكرون عنهم ما لم يكن ولا فعلوه أبدا فهم في الحقيقة منكسو القلوب يذمون الممدوحين ويمدحون المذمومين.

وقال أبو داود: حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أنه قيل يا رسول الله ما الغيبة؟ قال: «ذكرك أخاك بما يكره» قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته» (٣) وهكذا رواه الترمذي عن قتيبة عن الدراوردي به ثم قال حسن صحيح، وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا أبو كريب حدثنا معاوية بن هشام عن عمار بن أنس عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: قال رسول الله لأصحابه «أي الربا أربى عند الله؟» قالوا الله ورسوله أعلم قال «أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم» ثم قرأ ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾.


(١) المسند ٤/ ٨٧.
(٢) كتاب المناقب باب ٥٨.
(٣) أخرجه مسلم في البر حديث ٧٠، وأبو داود في الأدب باب ٣٥، والترمذي في البر باب ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>