للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناس من أصحاب رسول الله ينتظرونه، فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم، وإذا بعضهم يقول: عجب، إن الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله، وقال آخر:

ماذا بأعجب من أن الله كلم موسى تكليما، وقال آخر: فعيسى روح الله وكلمته، وقال آخر:

آدم اصطفاه الله، فخرج عليهم فسلم، وقال: «قد سمعت كلامكم وتعجبكم أن إبراهيم خليل الله، وهو كذلك، وموسى كليمه، وعيسى روحه وكلمته، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك، وكذلك محمد قال: ألا وإني حبيب الله، ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع، ولا فخر وأنا أول من يحرك حلقة الجنة فيفتح الله ويدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين، ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر» وهذا حديث غريب من هذا الوجه ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها، وقال قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: أتعجبون من أن تكون الخلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، رواه الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، وكذا روي عن أنس بن مالك وغير واحد من الصحابة والتابعين والأئمة من السلف والخلف وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يحيى بن عبدك القزويني، حدثنا محمد يعني سعيد بن سابق، حدثنا عمرو يعني ابن أبي قيس عن عاصم عن أبي راشد، عن عبيد بن عمير، قال: كان إبراهيم يضيف الناس، فخرج يوما يلتمس أحدا يضيفه فلم يجد أحدا يضيفه، فرجع إلى داره فوجد فيها رجلا قائما، فقال: يا عبد الله ما أدخلك داري بغير إذني؟ قال: دخلتها بإذن ربها، قال: ومن أنت؟ قال:

أنا ملك الموت أرسلني ربي إلى عبد من عباده، أبشره بأن الله قد اتخذه خليلا، قال: من هو؟ فوالله إن أخبرتني به، ثم كان بأقصى البلاد لاتينه، ثم لا أبرح له جارا حتى يفرق بيننا الموت، قال: ذلك العبد أنت. قال: أنا؟ قال: نعم، قال فيم اتخذني ربي خليلا؟ قال: إنك تعطي الناس ولا تسألهم.

وحدثنا أبي، حدثنا محمود بن خالد السلمي، حدثنا الوليد عن إسحاق بن يسار، قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلا ألقى في قلبه الوجل حتى أن خفقان قلبه ليسمع من بعيد كما يسمع خفقان الطير في الهواء.

وهكذا جاء في صفة رسول الله أنه كان يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل إذا اشتد غليانها من البكاء (١).

وقوله: ﴿وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ﴾ أي الجميع ملكه وعبيده وخلقه وهو


(١) رواه أحمد في المسند ٤/ ٢٥، من حديث مطرف بن عبد الله عن أبيه أنه رأى رسول الله على الهيئة المذكورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>