للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلك وسرير ملكي، فلا يخلص إليه أحد من عباد الله، ولا يرينه أحد حتى آتيك ثم شخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن تحت يدي كل قيل منهم ألوف كثيرة فجعل سليمان يبعث الجن يأتونه بمسيرها ومنتهاها كل يوم وليلة حتى إذا دنت جمع من عنده من الجن والإنس ممن تحت يده فقال: ﴿يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾.

وقال قتادة: لما بلغ سليمان أنها جاثية وكان قد ذكر له عرشها فأعجبه. وكان من ذهب وقوائمه لؤلؤ وجوهر. وكان مسترا بالديباج والحرير، وكانت عليه تسعة مغاليق، فكره أن يأخذ بعد إسلامهم. وقد علم نبي الله أنهم متى أسلموا تحرم أموالهم ودماؤهم، فقال ﴿يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ وهكذا قال عطاء الخراساني والسدي وزهير بن محمد ﴿قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ فتحرم علي أموالهم بإسلامهم ﴿قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ قال مجاهد: أي مارد من الجن، قال شعيب الجبائي: وكان اسمه كوزن، وكذا قال محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان (١)، وكذا قال أيضا وهب بن منبه. قال أبو صالح وكان كأنه جبل ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ﴾ قال ابن عباس : يعني قبل أن تقوم من مجلسك.

وقال مجاهد: مقعدك، وقال السدي وغيره: كان يجلس للناس للقضاء والحكومات وللطعام، من أول النهار إلى أن تزول الشمس ﴿وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ﴾ قال ابن عباس: أي قوي على حمله أمين على ما فيه من الجوهر، فقال سليمان أريد أعجل من ذلك، ومن هاهنا يظهر أن سليمان أراد بإحضار هذا السرير إظهار عظمة ما وهب الله له من الملك، وما سخر له من الجنود الذي لم يعطه أحد قبله ولا يكون لأحد من بعده، وليتخذ ذلك حجة على نبوته عند بلقيس وقومها لأن هذا خارق عظيم أن يأتي بعرشها كما هو من بلادها قبل أن يقدموا عليه، هذا وقد حجبته بالأغلاق والأقفال والحفظة. فلما قال سليمان أريد أعجل من ذلك ﴿قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ﴾ قال ابن عباس وهو آصف كاتب سليمان، وكذا روى محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان أنه آصف بن برخياء. وكان صديقا يعلم الاسم الأعظم وقال قتادة: كان مؤمنا من الإنس واسمه آصف، وكذا قال أبو صالح والضحاك وقتادة أنه كان من الإنس، زاد قتادة من بني إسرائيل. وقال مجاهد كان اسمه أسطوم. وقال قتادة في رواية عنه كان اسمه بليخا، وقال زهير بن محمد هو رجل من الإنس يقال له ذو النور. وزعم عبد الله بن لهيعة أنه الخضر، وهو غريب جدا.

وقوله: ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ أي ارفع بصرك وانظر، مد بصرك مما تقدر


(١) انظر تفسير الطبري ٩/ ٥٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>