للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ﴾ [الناس: ٤ - ٦] ولهذا ﴿قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ﴾ أي أأنت تصدق بالبعث والنشور والحساب والجزاء يعني يقول ذلك على وجه التعجب والتكذيب والاستبعاد والكفر والعناد.

﴿أَإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنّا لَمَدِينُونَ﴾ قال مجاهد والسدي لمحاسبون. وقال ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي لمجزيون بأعمالنا وكلاهما صحيح قال تعالى:

﴿قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ﴾ أي مشرفون يقول المؤمن لأصحابه وجلسائه من أهل الجنة ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ﴾ قال ابن عباس وسعيد بن جبير وخليد العصري وقتادة والسدي وعطاء الخراساني يعني في وسط الجحيم، وقال الحسن البصري في وسط الجحيم كأنه شهاب يتقد، وقال قتادة ذكر لنا أنه اطلع فرأى جماجم القوم تغلي، وذكر لنا أن كعب الأحبار قال في الجنة كوى إذا أراد أحد من أهلها أن ينظر إلى عدوه في النار اطلع فيها فازداد شكرا ﴿قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ﴾ يقول المؤمن مخاطبا للكافر والله إن كدت لتهلكني لو أطعتك.

﴿وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ أي ولولا فضل الله عليّ لكنت مثلك في سواء الجحيم حيث أنت محضر معك في العذاب ولكنه تفضل عليّ ورحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللهُ﴾ [الأعراف: ٤٣]. وقوله تعالى:

﴿أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلاّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ هذا من كلام المؤمن مغبطا نفسه بما أعطاه الله تعالى من الخلد في الجنة والإقامة في دار الكرامة بلا موت فيها ولا عذاب ولهذا قال ﷿: ﴿إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبد الله الظهراني حدثنا حفص بن عمر العدني حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة قال: قال ابن عباس في قول الله لأهل الجنة: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور: ١٩] قال ابن عباس قوله ﷿: ﴿هَنِيئاً﴾ أي لا يموتون فيها فعندها قالوا: ﴿أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ. إِلاّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ (١) وقال الحسن البصري: علموا أن كل نعيم فإن الموت يقطعه فقالوا: ﴿أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلاّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ قيل لا ﴿إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

وقوله ﴿لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ﴾ قال قتادة هذا من كلام أهل الجنة، وقال ابن جرير (٢) هو من كلام الله تعالى ومعناه لمثل هذا النعيم وهذا الفوز فليعمل العاملون في


(١) انظر الدر المنثور ٦/ ١٤٧.
(٢) تفسير الطبري ١٠/ ٤٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>