للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعلم، قال: «أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا»، ثم قال: «أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ أن لا يعذبهم» ثم أوصى بالإحسان إلى الوالدين، فإن الله سبحانه جعلهما سببا لخروجك من العدم إلى الوجود وكثيرا ما يقرن الله سبحانه بين عبادته والإحسان إلى الوالدين، كقوله ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ﴾ [لقمان: ١٤]، وكقوله ﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً﴾ [الإسراء: ٢٣] ثم عطف على الإحسان إليهما الإحسان إلى القرابات من الرجال والنساء كما جاء في الحديث «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة» (١).

ثم قال تعالى: ﴿وَالْيَتامى﴾ وذلك لأنهم فقدوا من يقوم بمصالحهم ومن ينفق عليهم فأمر الله بالإحسان إليهم والحنو عليهم ثم قال ﴿وَالْمَساكِينِ﴾ وهم المحاويج من ذوي الحاجات الذين لا يجدون ما يقوم بكفايتهم، فأمر الله سبحانه بمساعدتهم بما تتم به كفايتهم وتزول به ضرورتهم وسيأتي الكلام على الفقير والمسكين في سورة براءة.

وقوله ﴿وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس:

﴿وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى﴾، يعني الذي بينك وبينه قرابة، ﴿وَالْجارِ الْجُنُبِ﴾ الذي ليس بينك وبينه قرابة، وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وميمون بن مهران والضحاك وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقتادة، وقال أبو إسحاق عن نوف البكالي في قوله: والجار ذي القربى: يعني الجار المسلم، والجار الجنب يعني اليهودي والنصراني، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم، وقال جابر الجعفي عن الشعبي عن علي وابن مسعود: والجار ذي القربى يعني المرأة وقال مجاهد أيضا في قوله: والجار الجنب يعني الرفيق في السفر، وقد وردت الأحاديث بالوصايا بالجار، فلنذكر منها ما تيسر وبالله المستعان.

الحديث الأول: قال الإمام أحمد (٢): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن عمر بن محمد بن زيد أنه سمع أباه محمدا يحدث عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله قال «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» أخرجاه في الصحيحين من حديث عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر به.

الحديث الثاني: قال الإمام أحمد (٣): حدثنا سفيان عن داود بن شابور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» وروى أبو داود والترمذي نحوه من حديث سفيان بن عيينة، عن بشير أبي إسماعيل،


(١) مسند أحمد ٤/ ١٧ و ١٨ و ٢٤١.
(٢) مسند أحمد ٢/ ٨٥.
(٣) مسند أحمد ٢/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>