للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَصَرِّفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، لَا رَادَّ لِمَا قَضَى، وَلَا مُعَقِّبَ لِمَا حَكَمَ، وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ لِعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ وَلُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ. وَقَوْلُهُ: وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً أَيْ عِلْمُهُ نَافِذٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ مِنْ عِبَادِهِ، وَلَا يَعْزُبُ عن علمه مثقال ذرة في السموات وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ، وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ ذَرَّةٌ لِمَا تراءى للناظرين وما توارى.

[[سورة النساء (٤) : آية ١٢٧]]

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاَّتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً (١٢٧)

قَالَ الْبُخَارِيُّ «١» : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ- إلى قوله- وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ قالت عائشة: هُوَ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْيَتِيمَةُ هُوَ وَلِيُّهَا ووارثها، فأشركته فِي مَالِهِ حَتَّى فِي الْعَذْقِ، فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلًا فَيَشْرَكَهُ فِي مَالِهِ بِمَا شَرِكَتْهُ، فَيَعْضُلُهَا «٢» ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ «٣» عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ أُسَامَةَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ فِيهِنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ الآية، قال: والذي ذكر الله أنه يتلى عليه فِي الْكِتَابِ، الْآيَةُ الْأَوْلَى الَّتِي قَالَ اللَّهُ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ [النِّسَاءِ: ٣] وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:

وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ رَغْبَةَ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ الَّتِي تَكُونُ فِي حِجْرِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجِمَالِ، فَنُهُوا أَنْ ينكحوا من رَغِبُوا فِي مَالِهَا وَجِمَالِهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ إِلَّا بِالْقِسْطِ مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ.

وَأَصْلُهُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ بِهِ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ فِي حِجْرِهِ يَتِيمَةٌ يَحِلُّ لَهُ تَزْوِيجُهَا، فَتَارَةً يَرْغَبُ فِي أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أن يمهرها أسوة بأمثالها مِنَ النِّسَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيَعْدِلْ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ، فَقَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَذَا الْمَعْنَى فِي الْآيَةِ الْأُولَى الَّتِي في أول السورة، وتارة لا يكون له فيها رغبة لدمامتها عنده أو في


(١) صحيح البخاري (تفسير سورة النساء باب ٢٠) . [.....]
(٢) أي يمنعها الزواج.
(٣) صحيح مسلم (تفسير حديث ٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>