للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخبر تعالى عن ابن آدم أنه كلما طال عمره، رد إلى الضعف بعد القوة، والعجز بعد النشاط، كما قال : ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ [الروم: ٥٤] وقال ﷿:

﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً﴾ [النحل: ٧٠] والمراد من هذا -والله أعلم الإخبار عن هذه الدار بأنها دار زوال وانتقال، لا دار دوام واستقرار، ولهذا قال ﷿: ﴿أَفَلا يَعْقِلُونَ﴾ أي يتفكرون بعقولهم في ابتداء خلقهم، ثم صيرورتهم إلى سن الشيبة، ثم إلى الشيخوخة ليعلموا أنهم خلقوا لدار أخرى لا زوال لها ولا انتقال منها ولا محيد عنها، وهي الدار الآخرة.

وقوله : ﴿وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ﴾ يقول ﷿ مخبرا عن نبيه محمد أنه ما علمه الشعر ﴿وَما يَنْبَغِي لَهُ﴾ أي ما هو في طبعه فلا يحسنه ولا يحبه ولا تقتضيه جبلته، ولهذا ورد أنه كان لا يحفظ بيتا على وزن منتظم بل إن أنشده زحفه أو لم يتمه. وقال أبو زرعة الرازي: حدثنا إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن الشعبي أنه قال: ما ولد عبد المطلب ذكرا ولا أنثى إلا يقول الشعر إلا رسول الله ، ذكره ابن عساكر في ترجمة عتبة بن أبي لهب الذي أكله الأسد بالزرقاء.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن هو البصري قال: إن رسول الله كان يتمثل بهذا البيت [الطويل]:

كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا فقال أبو بكر : يا رسول الله: [الطويل] كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا (١) قال أبو بكر أو عمر : أشهد أنك رسول الله، يقول تعالى: ﴿وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ﴾ وهكذا روى البيهقي في الدلائل أن رسول الله قال للعباس بن مرداس


(١) صدره: عميرة ودّع إن تجهزت غاديا والبيت لسحيم عبد بني الحسحاس في الإنصاف ١/ ١٦٨، وخزانة الأدب ١/ ٢٦٧، ٢/ ١٠٢، ١٠٣، وسر صناعة الإعراب ١/ ١٤١، وشرح التصريح ٢/ ٨٨، وشرح شواهد المغني ١/ ٣٢٥، والكتاب ٢/ ٢٦، ٤/ ٢٢٥، ولسان العرب (كفى)، ومغني اللبيب ١/ ١٠٦، والمقاصد النحوية ٣/ ٦٦٥، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٤٤، وأوضح المسالك ٣/ ٢٥٣، وشرح الأشموني ٢/ ٣٦٤، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٢٥، وشرح قطر الندى ص ٣٢٣، وشرح المفصل ٢/ ١١٥، ٧/ ٨٤، ٨/ ٢٤، ٩٣، ١٣٨، ولسان العرب (نهى)

<<  <  ج: ص:  >  >>