للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجري يقال لها سلسبيل فينشق منها نهران [أحدهما] الكوثر [والآخر] يقال له نهر الرحمة، فاغتسلت فيه فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر.

قال إني رفعت إلى الجنة فاستقبلتني جارية، فقلت: لمن أنت يا جارية؟ قالت: لزيد بن حارثة، وإذا بأنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، وإذا رمانها كالدلاء عظما، وإذا أنا بطيرها كأنها بختكم هذه، فقال عندها إن الله تعالى قد أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر-قال-ثم عرضت علي النار، فإذا فيها غضب الله وزجره ونقمته، ولو طرحت فيها الحجارة والحديد لأكلتها ثم أغلقت دوني.

ثم إني رفعت إلى سدرة المنتهى فتغشاني فكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى. قال وينزل على كل ورقة منها ملك من الملائكة-قال-وفرضت علي خمسون صلاة، وقال لك بكل حسنة عشر، فإذا هممت بالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة، فإذا عملتها كتبت لك عشرا، وإذا هممت بالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شيء، فإن عملتها كتبت عليك سيئة واحدة.

ثم رجعت إلى موسى فقال فيم أمرك ربك؟ فقلت: بخمسين صلاة. قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، ومتى لا تطيقه تكفر، فرجعت إلى ربي فقلت: يا رب خفف عن أمتى، فإنها أضعف الأمم، فوضع عني عشرا وجعلها أربعين، فما زلت أختلف بين موسى وربي كلما أتيت عليه قال لي مثل مقالته، حتى رجعت إليه، فقال لي:

بم أمرت؟ فقلت أمرت بعشر صلوات. قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت إلى ربي فقلت أي رب خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم فيوضع عني خمسا وجعلها خمسا فناداني ملك عندها تممت فريضتي وخففت عن عبادي وأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها.

ثم رجعت إلى موسى فقال: بم أمرت؟ فقلت: بخمس صلوات. قال: ارجع إلى ربك فإنه لا يؤوده شيء، فاسأله التخفيف لأمتك، فقلت: رجعت إلى ربي حتى استحييت. ثم أصبح بمكة يخبرهم بالأعاجيب: إني أتيت البارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء، ورأيت كذا وكذا، فقال أبو جهل يعني ابن هشام: ألا تعجبون مما قال محمد؟ يزعم أنه أتى البارحة بيت المقدس، ثم أصبح فينا وأحدنا يضرب مطيته مصعدة شهرا ومقفلة شهرا، فهذه مسيرة شهرين في ليلة واحدة، قال: فأخبرتهم بعير لقريش لما كنت في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا، وأنها نفرت، فلما رجعت وجدتها عند العقبة، وأخبرهم بكل رجل وبعيره كذا وكذا، ومتاعه كذا وكذا، فقال أبو جهل: يخبرنا بأشياء، فقال رجل منهم: أنا أعلم الناس ببيت المقدس، وكيف بناؤه وهيئته، وكيف قربه من الجبل، فإن يك محمد صادقا فسأخبركم وإن يك كاذبا فسأخبركم، فجاء ذلك المشرك فقال: يا محمد أنا أعلم الناس ببيت المقدس فأخبرني: كيف بناؤه، وكيف هيئته، وكيف قربه من الجبل؟ قال فرفع لرسول الله بيت المقدس من

<<  <  ج: ص:  >  >>