﵄ ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد: مدة طويلة نحوا من سنة، فلما أكلتها دابة الأرض، وهي الأرضة، ضعفت وسقطت إلى الأرض، وعلم أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة. وتبينت الجن والإنس أيضا أن الجن لا يعلمون الغيب كما كانوا يتوهمون ويوهمون الناس ذلك. وقد ورد في ذلك حديث مرفوع غريب وفي صحته نظر.
قال ابن جرير (١): حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا موسى بن مسعود، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا إبراهيم بن طهمان عن عطاء عن السائب عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﵄ عن النبي ﷺ قال:«كان نبي الله سليمان ﵇ إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه، فيقول لها: ما اسمك؟ فتقول كذا، فيقول: لأي شيء أنت؟ فإن كانت تغرس غرست، وإن كانت لدواء كتبت، فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخروب، قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت، فقال سليمان ﵇: اللهم عم على الجن موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب فنحتها عصا فتوكأ عليها حولا ميتا والجن تعمل، فأكلتها الأرضة فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين» قال: وكان ابن عباس يقرؤها كذلك، قال: فشكرت الجن للأرضة، فكانت تأتيها بالماء، وهكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث إبراهيم بن طهمان به. وفي رفعه غرابة ونكارة، والأقرب أن يكون موقوفا، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني له غرابات وفي بعض حديثه نكارة.
وقال السدي في حديث ذكره عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس ﵄، وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود ﵁، وعن ناس من أصحاب رسول الله ﷺ﵃. قال: كان سليمان ﵊ يتحنث في بيت المقدس السنة والسنتين، والشهر والشهرين، وأقل من ذلك وأكثر، فيدخل فيه ومعه طعامه وشرابه، فأدخله في المرة التي توفي فيها، فكان بدء ذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه إلا ينبت الله في بيت المقدس شجرة، فيأتيها فيسألها: فيقول ما اسمك؟ فتقول الشجرة: اسمي كذا وكذا، فإن كانت لغرس غرسها، وإن كانت تنبت دواء قالت: نبت دواء كذا وكذا، فيجعلها كذلك، حتى نبتت شجرة يقال لها الخروبة، فسألها: ما اسمك؟ قالت: أنا الخروبة، قال ولأي شي نبت؟ قالت: نبت لخراب هذا المسجد.
قال سليمان ﵊: ما كان الله ليخربه وأنا حي، أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس، فنزعها وغرسها في حائط له، ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئا على عصاه، فمات ولم تعلم به الشياطين، وهم في ذلك يعملون له يخافون أن يخرج