للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله، فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكرا الله إلا في حق، قال: وكان يخرج في حاجته فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ، فلما كان ذات يوم أبطأت عليه، فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن «اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب» رفع هذا الحديث غريب جدا.

وروى ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: وألبسه الله حلة من الجنة، فتنحى أيوب فجلس في ناحية، وجاءت امرأته فلم تعرفه، فقالت: يا عبد الله أين ذهب هذا المبتلى الذي كان هاهنا لعل الكلاب ذهبت به أو الذئاب، فجعلت تكلمه ساعة. فقال: ويحك أنا أيوب.

قالت: أتسخر مني يا عبد الله؟ فقال: ويحك أنا أيوب قد رد الله علي جسدي، وبه قال ابن عباس، ورد عليه ماله وولده عيانا ومثلهم معهم. وقال وهب بن منبه: أوحى الله إلى أيوب قد رددت عليك أهلك ومالك، ومثلهم معهم. فاغتسل بهذا الماء فإن فيه شفاءك وقرب عن صحابتك قربانا، واستغفر لهم فإنهم قد عصوني فيك. رواه ابن أبي حاتم.

وقال أيضا: حدثنا أبو زرعة، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي قال: «لما عافى الله أيوب أمطر عليه جرادا من ذهب، فجعل يأخذ منه بيده ويجعله في ثوبه، قال: فقيل له: يا أيوب أما تشبع؟ قال:

يا رب ومن يشبع من رحمتك» أصله في الصحيحين وسيأتي في موضع آخر.

وقوله: ﴿وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ﴾ قد تقدم عن ابن عباس أنه قال: ردوا عليه بأعيانهم، وكذا رواه العوفي عن ابن عباس أيضا، وروي مثله عن ابن مسعود ومجاهد، وبه قال الحسن وقتادة، وقد زعم بعضهم أن اسم زوجته رحمة، فإن كان أخذ ذلك من سياق الآية فقد أبعد النجعة، وإن كان أخذه من نقل أهل الكتاب وصح ذلك عنهم، فهو مما لا يصدق ولا يكذب، وقد سماها ابن عساكر في تاريخه رحمه الله تعالى: قال: ويقال اسمها ليا بنت منشّا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، قال: ويقال ليا بنت يعقوب زوجة أيوب كانت معه بأرض البثنية، وقال مجاهد: قيل له: يا أيوب إن أهلك لك في الجنة، فإن شئت أتيناك بهم، وإن شئت تركناهم لك في الجنة وعوضناك مثلهم؟ قال: لا بل اتركهم لي في الجنة، فتركوا له في الجنة وعوض مثلهم في الدنيا.

وقال حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني عن نوف البكالي قال: أوتى أجرهم في الآخرة وأعطي مثلهم في الدنيا. قال: فحدثت به مطرفا، فقال: ما عرفت وجهها قبل اليوم، وكذا روي عن قتادة والسدي وغير واحد من السلف، والله أعلم. قوله: ﴿رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا﴾ أي فعلنا به ذلك رحمة من الله به ﴿وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ﴾ أي وجعلناه في ذلك قدوة لئلا يظن أهل البلاء أنما فعلنا بهم ذلك لهوانهم علينا، وليتأسوا به في الصبر على مقدورات الله وابتلائه لعباده بما

<<  <  ج: ص:  >  >>