للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقضي إذ قال: يا لبيكاه فقال له عمر رضي الله عنه لِمَ تُلَبِّي، هَلْ رَأَيْتَ أَحَدًا أَوْ دَعَاكَ أحد؟

فقال دَعَانِي دَاعٍ مِنْ وَرَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه أُولَئِكَ يُنَادُونَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ رَوَاهُ ابْنُ أبي حاتم. وقوله تبارك وتعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْ كذب وأوذي فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الْأَحْقَافِ: ٣٥] وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى [الشُّورَى: ١٤] بِتَأْخِيرِ الْحِسَابِ إِلَى يَوْمِ الْمَعَادِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ أَيْ لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ أَيْ وَمَا كَانَ تَكْذِيبُهُمْ لَهُ عَنْ بَصِيرَةٍ مِنْهُمْ لِمَا قَالُوا بَلْ كَانُوا شَاكِّينَ فِيمَا قَالُوا غَيْرَ مُحَقِّقِينَ لِشَيْءٍ كَانُوا فِيهِ، هَكَذَا وَجَّهَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، والله أعلم.

[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٤٦ الى ٤٨]

مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨)

يَقُولُ تَعَالَى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ أَيْ إِنَّمَا يَعُودُ نَفْعُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها أَيْ إِنَّمَا يَرْجِعُ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ أي لا يعاقب أحدا إلا بذنبه وَلَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ وإرسال الرسول إليه ثم قال جل وعلا: إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ أَيْ لَا يَعْلَمُ ذلك أحد سواه كما قال محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَيِّدُ الْبَشَرِ لجبريل عليه الصلاة والسلام وَهُوَ مِنْ سَادَاتِ الْمَلَائِكَةِ حِينَ سَأَلَهُ عَنِ الساعة فقال «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل» «١» وكما قال عز وجل: إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها [النازعات: ٤٤] وقال جل جلاله:

لَا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ [الْأَعْرَافِ: ١٨٧] .

وَقَوْلُهُ تبارك وتعالى: وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ أَيِ الْجَمِيعُ بِعِلْمِهِ لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وقد قال سبحانه وتعالى: وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها [الْأَنْعَامِ: ٥٩] وَقَالَ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ [الرعد: ٨] وقال تعالى: وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [فاطر:

١١] وقوله جل وعلا: وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ينادي الله المشركين على رؤوس الْخَلَائِقِ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ عَبَدْتُمُوهُمْ مَعِي قالُوا آذَنَّاكَ أَيْ أَعْلَمْنَاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ أَيْ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا الْيَوْمَ يَشْهَدُ أَنَّ مَعَكَ شَرِيكًا وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ أي


(١) أخرجه البخاري في الإيمان باب ٣٧، وتفسير سورة ٣١، باب ٢، ومسلم في الإيمان حديث ١، ٥، ٧، وأبو داود في السنة باب ١٦، والترمذي في الإيمان باب ٤، والنسائي في الإيمان باب ٥، ٦، وابن ماجة في المقدمة باب ٩، والفتن باب ٢٥، وأحمد في المسند ٢/ ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>