للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جابر قال: قدمت عير مرة المدينة، ورسول الله يخطب فخرج الناس وبقي اثنا عشر رجلا فنزلت ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها﴾ (١) أخرجاه في الصحيحين من حديث سالم به.

وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا زكريا بن يحيى، حدثنا هشيم عن حصين عن سالم بن أبي الجعد وأبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: بينما النبي يخطب يوم الجمعة، فقدمت عير إلى المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله ، حتى لم يبق مع رسول الله إلا اثنا عشر رجلا فقال رسول الله : «والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لم يبق منكم أحد لسال بكم الوادي نارا» ونزلت هذه الآية ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً﴾ وقال: كان في الاثني عشر الذين ثبتوا مع رسول الله : أبو بكر وعمر .

وفي قوله تعالى: ﴿وَتَرَكُوكَ قائِماً﴾ دليل على أن الإمام يخطب يوم الجمعة قائما. وقد روى مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة قال: كانت للنبي خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس (٢)، ولكن هاهنا شيء ينبغي أن يعلم وهو: أن هذه القصة قد قيل إنها كانت لما كان رسول الله يقدم الصلاة يوم الجمعة على الخطبة، كما رواه أبو داود في كتاب المراسيل، حدثنا محمود بن خالد عن الوليد، أخبرني أبو معاذ بكير بن معروف أنه سمع مقاتل بن حيان يقول: كان رسول الله يصلي يوم الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين، حتى إذا كان يوم والنبي يخطب، وقد صلّى الجمعة، فدخل رجل فقال: إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارة، يعني فانفضوا ولم يبق معه إلا نفر يسير وقوله تعالى: ﴿قُلْ ما عِنْدَ اللهِ﴾ أي الذي عند الله من الثواب في الدار الآخرة ﴿خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرّازِقِينَ﴾ أي لمن توكل عليه وطلب الرزق في وقته. آخر تفسير سورة الجمعة ولله الحمد والمنة، وبه التوفيق والعصمة.


(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٦٢، باب ٢، ومسلم في الجمعة حديث ٣٦ - ٣٩.
(٢) أخرجه مسلم في الجمعة حديث ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>