للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مردفة بمثلها ولهذا قرأ بعضهم ﴿مُرْدِفِينَ﴾ بفتح الدال، والله أعلم. والمشهور ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: وأمد الله نبيه والمؤمنين بألف من الملائكة فكان جبريل في خمسمائة من الملائكة مجنبة، وميكائيل في خمسمائة مجنبة.

وروى الإمام أبو جعفر بن جرير ومسلم من حديث عكرمة بن عمار عن أبي زميل سماك بن وليد الحنفي عن ابن عباس، عن عمر الحديث المتقدم، ثم قال أبو زميل: حدثني ابن عباس قال: بينا رجل من المسلمين يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم إذ نظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا قال فنظر إليه فإذا هو قد حطم وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري فحدث ذلك رسول الله قال: صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين.

وقال البخاري (١): باب شهود الملائكة بدرا. حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه وكان أبوه من أهل بدر قال جاء جبريل إلى النبي فقال ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال «من أفضل المسلمين» أو كلمة نحوها قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة. انفرد بإخراجه البخاري وقد رواه الطبراني في المعجم الكبير من حديث رافع بن خديج وهو خطأ، والصواب رواية البخاري والله أعلم.

وفي الصحيحين أن رسول الله قال لعمر لما شاوره في قتل حاطب بن أبي بلتعة «إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاّ بُشْرى﴾ الآية، أي وما جعل الله بعث الملائكة وإعلامه إياكم بهم إلا بشرى ﴿وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ﴾ وإلا فهو تعالى قادر على نصركم على أعدائكم ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله أي بدون ذلك ولهذا قال ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ كما قال تعالى ﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ﴾ [محمد: ٤ - ٦] وقال تعالى ﴿وَتِلْكَ الْأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٠ - ١٤١] فهذه حكم شرع الله جهاد الكفار بأيدي المؤمنين لأجلها.

وقد كان تعالى إنما يعاقب الأمم السالفة المكذبة للأنبياء بالقوارع التي تعم تلك الأمم


(١) كتاب المغازي باب ١١.
(٢) أخرجه البخاري في المغازي باب ٩، ومسلم في فضائل الصحابة حديث ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>