للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها» رواه الترمذي (١) عن بندار عن عمرو بن عاصم به نحوه. وروى البزار بإسناده المتقدم وأبو داود أيضا عن النبي قال «صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها» (٢) وهذا إسناد جيد.

وقوله تعالى: ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى﴾ قال مجاهد: كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية. وقال قتادة ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى﴾ يقول: إذا خرجتن من بيوتكن وكانت لهن مشية وتكسر وتغنج، فنهى الله تعالى عن ذلك، وقال مقاتل بن حيان ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى﴾ والتبرج أنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده، فيواري قلائدها وقرطها وعنقها، ويبدو ذلك كله منها، وذلك التبرج، ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج.

وقال ابن جرير (٣): حدثني ابن زهير، حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا داود بن أبي الفرات، حدثنا علي بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس قال: تلا هذه الآية ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى﴾ قال: كانت فيما بين نوح وإدريس، وكانت ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صباحا، وفي النساء دمامة. وكان نساء السهل صباحا وفي الرجال دمامة، وإن إبليس لعنه الله أتى رجلا من أهل السهل في صورة غلام، فآجر نفسه منه فكان يخدمه، فاتخذ إبليس شيئا من مثل الذي يرمز فيه الرعاء، فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك من حوله فانتابوهم يسمعون إليه، واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة، فيتبرج النساء للرجال، قال ويتزين الرجال لهن، وإن رجلا من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك، فرأى النساء وصباحتهن، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا إليهن فنزلوا معهن، وظهرت الفاحشة فيهن، فهو قول الله تعالى:

﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى﴾.

وقوله تعالى: ﴿وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ نهاهن أولا عن الشر ثم أمرهن بالخير من إقامة الصلاة وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وإيتاء الزكاة وهي الإحسان إلى المخلوقين ﴿وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ وهذا من باب عطف العام على الخاص. وقوله تعالى:

﴿إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ وهذا نص في دخول أزواج النبي في أهل البيت هاهنا، لأنهن سبب نزول هذه الآية وسبب النزول داخل فيه قولا واحدا إما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح. وروى ابن جرير عن عكرمة أنه كان ينادي في


(١) كتاب الرضاع باب ١٨.
(٢) أخرجه أبو داود في الصلاة باب ٥٣.
(٣) تفسير الطبري ١٠/ ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>