للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من طرق عن يزيد بن أبي زياد وقال الترمذي:

حسن لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زياد ورواه ابن أبي حاتم من حديث يزيد بن أبي زياد به، وزاد في آخره وقرأ رسول الله هذه الآية ﴿أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ﴾.

قال أهل العلم معنى قوله «العكارون» أي العطاقون، وكذلك قال عمر بن الخطاب في أبي عبيد لما قتل على الجسر بأرض فارس لكثرة الجيش من ناحية المجوس فقال عمر لو تحيز إلي لكنت له فئة هكذا رواه محمد بن سيرين عن عمر وفي رواية أبي عثمان النهدي عن عمر قال لما قتل أبو عبيد قال عمر: أيها الناس أنا فئتكم وقال مجاهد قال عمر أنا فئة كل مسلم، وقال عبد الملك بن عمير عن عمر أيها الناس لا تغرنكم هذه الآية فإنما كانت يوم بدر وأنا فئة لكل مسلم.

وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا حسان بن عبد الله المصري حدثنا خلاد بن سليمان الحضرمي حدثنا نافع أنه سأل ابن عمر قلت إنا قوم لا نثبت عند قتال عدونا، ولا ندري من الفئة إمامنا أو عسكرنا؟ فقال إن الفئة رسول الله فقلت إن الله يقول: ﴿إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً﴾ الآية، فقال إنما أنزلت هذه الآية في يوم بدر لا قبلها ولا بعدها، وقال الضحاك في قوله ﴿أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ﴾ المتحيز الفار إلى النبي وأصحابه، وكذلك من فر اليوم إلى أميره أو أصحابه فأما إن كان الفرار لا عن سبب من هذه الأسباب فإنه حرام وكبيرة من الكبائر لما رواه البخاري ومسلم في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله «اجتنبوا السبع الموبقات» قيل يا رسول الله وما هن؟ قال «الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» (١) وله شواهد من وجوه أخر، ولهذا قال تعالى: ﴿فَقَدْ باءَ﴾ أي رجع ﴿بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ﴾ أي مصيره ومنقلبه يوم ميعاده ﴿جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.

وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا زكريا بن عدي حدثنا عبد الله بن عمرو الرقي عن زيد بن أبي أنيسة حدثنا جبلة بن سحيم عن أبي المثنى العبدي سمعت السدوسي يعني ابن الخصاصية وهو بشير بن معبد قال أتيت النبي لأبايعه فاشترط علي شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن أقيم الصلاة، وأن أؤدي الزكاة، وأن أحج حجة الإسلام، وأن أصوم شهر رمضان، وأن أجاهد في سبيل الله، فقلت يا رسول الله أما اثنتان فوالله لا أطيقهما: الجهاد، فإنهم زعموا أنه من ولى الدبر فقد باء بغضب من الله فأخاف إن حضرت ذلك خشعت نفسي


(١) أخرجه البخاري في الوصايا باب ٢٣، والطب باب ٤٨، والحدود باب ٤٤، ومسلم في الإيمان حديث ١٤٤، وأبو داود في الوصايا باب ١٠، والنسائي في الوصايا باب ١٢.
(٢) المسند ٥/ ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>