للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية فقال لسعد بن معاذ:

لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة: كذبت (!) لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فتثاور الحيان:

الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكتوا وسكت رسول الله ، قالت: وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي.

قال: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي استأذنت عليّ امرأة من الأنصار، فأذنت لها فجلست تبكي معي، فبينا نحن على ذلك إذ دخل علينا رسول الله فسلم ثم جلس، قالت:

ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني شيء، قالت: فتشهد رسول الله حين جلس، ثم قال «أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ثم توبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب الله عليه» قالت: فلما قضى رسول الله مقالته، قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة.

فقلت لأبي: أجب عني رسول الله ، فقال والله ما أدري ما أقول لرسول الله فقلت لأمي أجيبي عني رسول الله فقال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ، قالت: فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أحفظ كثيرا من القرآن، والله لقد عرفت، أنكم قد سمعتم بهذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، ولئن قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقونني بذلك، ولئن اعترفت بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقني، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ﴾ [يوسف: ١٨] قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، قالت: وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله تعالى مبرئى ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرئني الله بها. قالت: فوالله ما رام رسول الله مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله تعالى على نبيه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في اليوم الشاتي من ثقل القول الذي أنزل عليه، قالت: فلما سرّي عن رسول الله وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال «أبشري يا عائشة أما الله ﷿ فقد برأك» قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله ﷿ هو الذي أنزل براءتي، وأنزل الله ﷿ ﴿إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾ العشر آيات كلها، فأنزل الله هذه الآيات في براءتي قالت: فقال أبو بكر وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة، فأنزل الله

<<  <  ج: ص:  >  >>