للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربع وعشرين، وقد تقدم في سورة البقرة حديث واثلة بن الأسقع مرفوعا: «إن القرآن أنزل ليلة أربع وعشرين» وقيل تكون ليلة خمس وعشرين لما رواه البخاري عن عبد الله بن عباس أن رسول الله قال: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى» فسره كثيرون بليالي الأوتار وهو أظهر وأشهر، وحمله آخرون على الإشفاع كما رواه مسلم عن أبي سعيد أنه حمله على ذلك والله أعلم، وقيل إنها تكون ليلة سبع وعشرين لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي بن كعب عن رسول الله أنها ليلة سبع وعشرين.

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا سفيان سمعت عبدة وعاصما عن زر سألت أبي بن كعب قلت أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول من يقم الحول يصب ليلة القدر، قال يرحمه الله لقد علم أنها في شهر رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين، ثم حلف، قلت وكيف تعلمون ذلك؟ قال بالعلامة أو بالآية التي أخبرنا بها، تطلع ذلك اليوم لا شعاع لها يعني الشمس، وقد رواه مسلم من طريق سفيان بن عيينة وشعبة والأوزاعي عن عبدة عن زر عن أبي فذكره وفيه فقال: والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان يحلف ما يستثني، ووالله إني لأعلم أي ليلة القدر هي التي أمرنا رسول الله بقيامها هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها.

وفي الباب عن معاوية وابن عمر وابن عباس وغيرهم عن رسول الله أنها ليلة سبع وعشرين، وهو قول طائفة من السلف وهو الجادة من مذهب الإمام أحمد بن حنبل وهو رواية عن أبي حنيفة أيضا وقد حكي عن بعض السلف أنه حاول استخراج كونها ليلة سبع وعشرين من القرآن من قوله: ﴿هِيَ﴾ لأنها الكلمة السابعة والعشرون من السورة فالله أعلم.

وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن قتادة وعاصم أنهما سمعا عكرمة يقول: قال ابن عباس دعا عمر بن الخطاب أصحاب محمد فسألهم عن ليلة القدر، فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر، قال ابن عباس فقلت لعمر إني لأعلم-أو إني لأظن-أي ليلة القدر هي فقال عمر:

وأي ليلة هي؟ فقلت سابعة تمضي-أو سابعة تبقى-من العشر الأواخر فقال عمر: من أين علمت ذلك؟ قال ابن عباس فقلت خلق الله سبع سموات وسبع أرضين وسبعة أيام، وإن الشهر يدور على سبع وخلق الإنسان من سبع، ويأكل من سبع ويسجد على سبع، والطواف بالبيت سبع ورمي الجمار سبع لأشياء ذكرها، فقال عمر لقد فطنت لأمر ما فطنا له، وكان قتادة يزيد عن ابن عباس في قوله ويأكل من سبع، قال هو قول الله تعالى: ﴿فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً﴾ [عبس: ٢٧] الآية. وهذا إسناد جيد قوي ومتن غريب جدا فالله أعلم.


(١) المسند ٥/ ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>