للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ضرب الله تعالى مثل الدنيا بنبات الأرض في غير ما آية من كتابه العزيز، فقال في سورة الكهف: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً﴾ [الكهف: ٤٥] وكذا في سورة الزمر (١) والحديد (٢)، يضرب الله بذلك مثل الحياة الدنيا. وقال ابن جرير (٣): حدثني الحارث، حدثنا عبد العزيز، حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: سمعت مروان يعني ابن الحكم، يقرأ على المنبر: وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها، وما كان الله ليهلكهم إلا بذنوب أهلها. قال قد قرأتها وليست في المصحف، فقال عباس بن عبد الله بن عباس هكذا يقرؤها ابن عباس، فأرسلوا إلى ابن عباس فقال هكذا أقرأني أبي بن كعب، وهذه قراءة غريبة وكأنها زيدت للتفسير.

وقوله تعالى: ﴿وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ﴾ الآية. لما ذكر تعالى الدنيا وسرعة زوالها، رغب في الجنة ودعا إليها وسماها دار السلام أي من الآفات، والنقائص والنكبات فقال:

﴿وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ قال أيوب عن أبي قلابة: عن النبي قال: «قيل لي لتنم عينك وليعقل قلبك ولتسمع أذنك، فنامت عيني وعقل قلبي وسمعت أذني ثم قيل لي: مثلي ومثل ما جئت كمثل سيد بني دارا ثم صنع مأدبة وأرسل داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضي عنه السيد، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة ولو يرض عنه السيد، والله السيد والدار والإسلام والمأدبة الجنة والداعي محمد (٤)» وهذا الحديث مرسل.

وقد جاء متصلا من حديث الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله يوما فقال «إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه اضرب له مثلا، فقال اسمع سمعت أذنك، واعقل عقل قلبك، إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتا ثم جعل فيها مأدبة ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من تركه فالله الملك والدار الإسلام والبيت الجنة، وأنت يا محمد الرسول فمن أجابك دخل الإسلام ومن دخل الإسلام دخل الجنة ومن دخل الجنة أكل منها» رواه ابن جرير (٥).


(١) الآية: ٢١.
(٢) الآية: ٢٠.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٥٤٧.
(٤) انظر تفسير الطبري ٦/ ٥٤٨.
(٥) تفسير الطبري ٦/ ٥٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>