للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدثنا أبي، حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية في والي اليتيم ﴿وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ بقدر قيامه عليه. ورواه البخاري عن إسحاق عن عبد الله بن نمير عن هشام به.

قال الفقهاء: له أن يأكل أقل الأمرين: أجرة مثله أو قدر حاجته، واختلفوا هل يرد إذا أيسر؟ على قولين [أحدهما] لا، لأنه أكل بأجرة عمله وكان فقيرا، وهذا هو الصحيح عند أصحاب الشافعي، لأن الآية أباحت الأكل من غير بدل، قال أحمد (١): حدثنا عبد الوهاب، حدثنا حسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده: أن رجلا سأل رسول الله فقال: ليس لي مال ولي يتيم؟ فقال: «كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل (٢) مالا ومن غير أن تقي مالك-أو قال-تفدي مالك بماله» شك حسين، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو خالد الأحمر، حدثنا حسين المكتب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء رجل إلى النبي فقال: إن عندي يتيما عنده مال وليس لي مال. آكل من ماله؟ قال: «بالمعروف غير مسرف» ورواه أبو داود (٣) والنسائي وابن ماجة من حديث حسين المعلم به وروى ابن حبان في صحيحه وابن مردويه في تفسيره من حديث يعلى بن مهدي عن جعفر بن سليمان عن أبي عامر الخزاز، عن عمرو بن دينار، عن جابر أن رجلا قال: يا رسول الله فيم أضرب يتيمي؟ قال: «ما كنت ضاربا منه ولدك غير واق مالك بماله ولا متأثل منه مالا» وقال ابن جرير (٤): حدثنا الحسن بن يحيى، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا الثوري عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال: جاء أعرابي إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أيتاما وإن لهم إبلا ولي إبل، وأنا أمنح في إبلي وأفقر (٥)، فماذا يحل لي من ألبانها؟ فقال: إن كنت تبغي ضالتها وتهنأ جرباها وتلوط حوضها وتسقي عليها فاشرب غير مضر بنسل، ولا ناهك في الحلب (٦)، ورواه مالك في موطئه عن يحيى بن سعيد به، وبهذا القول وهو عدم أداء البدل، يقول عطاء بن أبي رباح وعكرمة وإبراهيم النخعي وعطية العوفي والحسن البصري. [والثاني] نعم، لأن مال اليتيم على الحظر، وإنما أبيح للحاجة فيرد بدله كأكل مال الغير للمضطر عند الحاجة، وقد قال ابن أبي الدنيا: حدثنا ابن خيثمة، حدثنا وكيع عن سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن


(١) مسند أحمد ٣/ ١٨٦.
(٢) أي غير جامع مالا.
(٣) سنن أبي داود (وصايا باب ٨)
(٤) تفسير الطبري ٣/ ٦٠٠.
(٥) أمنح في إبلي: أقدم الناقة لمن ينتفع بها وقتا ثم يردّها. وأفقر: أعير البعير للركوب.
(٦) غير ناهك في الحلب: غير مبالغ فيه. ولاط الحوض: طينه وأصلحه. وهنا البعير: طلاه بالهناء أي القطران.

<<  <  ج: ص:  >  >>