للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ورد فيه حديث رواه ابن جرير (١) هاهنا، وابن أبي حاتم من حديث معان بن رفاعة عن علي بن يزيد عن أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن مولى عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية عن أبي أمامة الباهلي عن ثعلبة بن حاطب الأنصاري، أنه قال لرسول الله : ادع الله أن يرزقني مالا، قال: فقال رسول الله : «ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه» قال: ثم قال مرة أخرى فقال: «أما ترضى أن تكون مثل نبي الله-فوالذي نفسي بيده لو شئت أن تسير الجبال معي ذهبا وفضة لسارت» قال: والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني مالا لأعطين كل ذي حق حقه.

فقال رسول الله «اللهم ارزق ثعلبة مالا» قال فاتخذ غنما فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها فنزل واديا من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ويترك ما سواهما، ثم نمت وكثرت فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة، وهي تنمو كما ينمو الدود حتى ترك الجمعة، فطفق يتلقى الركبان يوم الجمعة ليسألهم عن الأخبار فقال رسول الله : «ما فعل ثعلبة؟» فقالوا: يا رسول الله اتخذ غنما فضاقت عليه المدينة، فأخبروه بأمره، فقال: «يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة».

وأنزل الله جل ثناؤه ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً﴾ [التوبة: ١٠٢] الآية، ونزلت فرائض الصدقة فبعث رسول الله رجلين على الصدقة من المسلمين رجلا من جهينة ورجلا من سليم وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين، وقال لهما: «مرا بثعلبة وبفلان-رجل من بني سليم-فخذا صدقاتهما» فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله ، فقال: ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية ما أدري ما هذا؟ انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إليّ فانطلقا وسمع بهما السلمي فنظر إلى خيار أسنان إبله فعزلها للصدقة ثم استقبلهما بهما، فلما رأوها قالوا ما يجب عليك هذا وما نريد أن نأخذ هذا منك، فقال: بلى فخذوها فإن نفسي بذلك طيبة وإنما هي لله، فأخذاها منه ومرا على الناس فأخذا الصدقات ثم رجعا إلى ثعلبة فقال: أروني كتابكما فقرأه فقال ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية انطلقا حتى أرى رأيي، فانطلقا حتى أتيا النبي فلما رآهما قال: «يا ويح ثعلبة» قبل أن يكلمهما ودعا للسلمي بالبركة فأخبراه بالذي صنع ثعلبة والذي صنع السلمي، فأنزل الله ﷿ ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ﴾ [التوبة: ٧٥] الآية.

قال وعند رسول الله رجل من أقارب ثعلبة فسمع ذلك فخرج حتى أتاه فقال: ويحك يا ثعلبة قد أنزل الله فيك كذا وكذا، فخرج ثعلبة حتى أتى النبي فسأله أن يقبل منه صدقته، فقال: ويحك إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك» فجعل يحثو على رأسه التراب، فقال له


(١) تفسير الطبري ٦/ ٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>