للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رفعه الله به درجة وحط به عنه خطيئة» فقال الأنصاري: فإني قَدْ عَفَوْتُ وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ، كِلَاهُمَا عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا أَعْرِفُ لِأَبِي السَّفَرِ سَمَاعًا مَنْ أَبِي الدرداء.

وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَجُلًا أهتم «١» فَمَهُ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأُعْطِيَ دِيَةً، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَقْتَصَّ، فَأُعْطِي دِيَتَيْنِ فَأَبَى، فَأُعْطِي ثَلَاثًا فَأَبَى، فَحَدَّثَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِدَمٍ فَمَا دَوُنَهُ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى يَوْمِ يَمُوتُ» .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا شريح بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول «مَا مِنْ رَجُلٍ يُجْرَحُ مِنْ جَسَدِهِ جِرَاحَةً فَيَتَصَدَّقُ بِهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَ مَا تَصَدَّقَ بِهِ» وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ، عَنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خِدَاشٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الْمُغِيرَةِ بِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٣» : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ مَجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الْمُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَنْ أُصِيبَ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ فَتَرَكَهُ لِلَّهِ كَانَ كَفَّارَةً لَهُ» .

وَقَوْلُهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ قَدْ تَقَدَّمَ عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ أَنَّهُمَا قَالَا: كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق.

[سورة المائدة (٥) : الآيات ٤٦ الى ٤٧]

وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤٧)

يَقُولُ تَعَالَى: وَقَفَّيْنا أَيْ أَتْبَعْنَا عَلى آثارِهِمْ، يعني أنبياء بني إسرائيل بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ أَيْ مُؤْمِنًا بِهَا حَاكِمًا بِمَا فِيهَا، وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ أَيْ هُدًى إِلَى الْحَقِّ وَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ فِي إِزَالَةِ الشُّبَهَاتِ وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ، وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ أَيْ مُتَّبِعًا لَهَا غَيْرَ مُخَالِفٍ لِمَا فِيهَا إِلَّا فِي الْقَلِيلِ مِمَّا بَيَّنَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْضَ مَا كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ [آلِ عِمْرَانَ: ٥٠] وَلِهَذَا كَانَ المشهور من قول العلماء أن الإنجيل نسخ


(١) أهتم وهتم فمه: نزع مقدم أسنانه.
(٢) مسند أحمد ٥/ ٣١٦.
(٣) مسند أحمد ٥/ ٤١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>