للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغنى عن إعادته هاهنا ولله الحمد.

وقوله تعالى: ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ﴾ أي جعلنا هذه المصارف لمال الفيء كيلا يبقى مأكلة يتغلب عليها الأغنياء ويتصرفون فيها بمحض الشهوات والآراء، ولا يصرفون منه شيئا إلى الفقراء. وقوله تعالى: ﴿وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ أي مهما أمركم به فافعلوه ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه إنما يأمر بخير وإنما ينهى عن شر.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن العوفي عن يحيى بن الجزار عن مسروق قال: جاءت امرأة إلى ابن مسعود قالت:

بلغني أنك تنهى عن الواشمة والواصلة (١)، أشيء وجدته في كتاب الله تعالى أو عن رسول الله ؟ قال: بلى شيء وجدته في كتاب الله وعن رسول الله . قالت: والله لقد تصفحت ما بين دفتي المصحف فما وجدت فيه الذي تقول. قال: فما وجدت فيه ﴿وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾؟ قالت: بلى. قال: فإني سمعت رسول الله ينهى عن الواصلة والواشمة والنامصة (٢)، قالت: فلعله في بعض أهلك، قال فادخلي فانظري، فدخلت فنظرت ثم خرجت قالت: ما رأيت بأسا، فقال لها: أما حفظت وصية العبد الصالح ﴿وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ﴾ [هود: ٨٨].

وقال الإمام أحمد (٣): حدثنا عبد الرّحمن، حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله هو ابن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله ﷿، قال فبلغ امرأة من بني أسد في البيت يقال لها أم يعقوب، فجاءت إليه فقالت بلغني أنك قلت كيت وكيت، قال ما لي لا ألعن من لعن رسول الله وفي كتاب الله تعالى، فقالت إني لأقرأ ما بين لوحيه فما وجدته، فقال إن كنت قرأته فقد وجدته أما قرأت ﴿وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ قالت: بلى. قال: فإن رسول الله نهى عنه. قالت: إني لأظن أهلك يفعلونه، قال: اذهبي فانظري فذهبت فلم تر من حاجتها شيئا، فجاءت فقالت: ما رأيت شيئا، قال: لو كان كذا لما تجامعنا (٤). أخرجاه في الصحيحين من حديث سفيان الثوري.

وقد ثبت في الصحيحين أيضا عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه» (٥) وقال النسائي: أخبرنا أحمد بن سعيد، حدثنا يزيد، حدثنا منصور بن حيان عن سعيد بن جبير»، عن ابن عمر وابن عباس أنهما شهدا على


(١) الواصلة: هي التي توصل شعر بشعر غيرها زورا وكذبا.
(٢) النامصة: هي تنتف الشعر من وجهها.
(٣) المسند ١/ ٤٣٣، ٤٣٤.
(٤) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٥٩، باب ٤، ومسلم في اللباس حديث ١٢.
(٥) أخرجه البخاري في الاعتصام باب ٢، ومسلم في الفضائل حديث ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>