للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاده مرمرا وجلّله كلسا … فللطير في ذراه وكور

لم تهبه أيدي المنون فباد … الملك عنه فبابه مهجور

ولما دخل على عثمان جعل يقول: اللهم اجمع أمة محمد ثم تمثل بقول الشاعر: [الطويل] أرى الموت لا يبقي عزيزا ولم يدع … لعاد ملاذا في البلاد ومربعا

يبيت أهل الحصن والحصن مغلق … ويأتي الجبال في شماريخها معا

قال ابن هشام (١): وكان كسرى سابور ذو الأكتاف قتل الساطرون ملك الحضر، وقال ابن هشام: إن الذي قتل صاحب الحضر سابور بن أردشير بن بابك أول ملوك بني ساسان، وأذل ملوك الطوائف، ورد الملك إلى الأكاسرة، فأما سابور ذو الأكتاف فهو من بعد ذلك بزمن طويل، والله أعلم، ذكره السهيلي، قال ابن هشام: فحصره سنتين وذلك لأنه كان أغار على بلاد سابور في غيبته وهو في العراق، وأشرفت بنت الساطرون وكان اسمها النضيرة، فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج، وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ، فدست إليه أن تتزوجيني إن فتحت لك باب الحصن (٢)، فقال: نعم، فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر وكان لا يبيت إلا سكران، فأخذت مفاتيح باب الحصن من تحت رأسه فبعثت بها مع مولى لها ففتح الباب، ويقال: دلتهم على طلسم كان في الحصن لا يفتح حتى تؤخذ حمامة ورقاء فتخضب رجلاها بحيض جارية بكر زرقاء، ثم ترسل، فإذا وقعت على سور الحصن سقط ذلك ففتح الباب، ففعل ذلك، فدخل سابور، فقتل ساطرون واستباح الحصن وخربه، وسار بها معه وتزوجها، فبينما هي نائمة على فراشها ليلا إذ جعلت تتململ لا تنام، فدعا لها بالشمع ففتش فراشها فوجد فيه ورقة آس، فقال لها سابور: هذا الذي أسهرك فما كان أبوك يصنع بك؟ قالت: كان يفرش لي الديباج ويلبسني الحرير، ويطعمني المخ، ويسقيني الخمر، قال الطبري: كان يطعمني المخ والزبد، وشهد أبكار النحل، وصفو الخمر! وذكر أنه كان يرى مخ ساقها، قال: فكان جزاء أبيك ما صنعت به؟! أنت إلي بذاك أسرع، ثم أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس، فركض الفرس حتى قتلها، وفيه يقول عدي بن زيد العبادي أبياته المشهورة: [الخفيف] أيها الشامت المعير بالدهر … أأنت المبرأ الموفور

أم لديك العهد الوثيق من الأيام … بل أنت جاهل مغرور

من رأيت المنون خلد أم من … ذا عليه من أن يضام خفير

أين كسرى كسرى الملوك أنوشر وأين … أم أين قبله سابور


(١) سيرة ابن هشام ١/ ٧١.
(٢) في السيرة: «أتتزوجيني إن فتحت لك باب الحضر».

<<  <  ج: ص:  >  >>