للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النمل: ٦٢] وقوله ﴿إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠] وقوله ﴿عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: ١٢٩] وقوله ﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ﴾ أي فاوت بينكم في الأرزاق والأخلاق والمحاسن والمساوئ والمناظر والأشكال والألوان، وله الحكمة في ذلك، كقوله تعالى ﴿نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا﴾ [الزخرف: ٣٢] وقوله ﴿اُنْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً﴾ [الإسراء: ٢١].

وقوله تعالى ﴿لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ﴾ أي ليختبركم في الذي أنعم به عليكم وامتحنكم به، ليختبر الغني في غناه ويسأله عن شكره، والفقير في فقره ويسأله عن صبره. وفي صحيح مسلم من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري ، قال: قال رسول الله «إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» (١).

وقوله تعالى ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ترهيب وترغيب أن حسابه وعقابه سريع، فيمن عصاه وخالف رسله ﴿وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لمن والاه واتبع رسله فيما جاءوا به من خبر وطلب. وقال محمد بن إسحاق: ليرحم العباد على ما فيهم، رواه ابن أبي حاتم، وكثيرا ما يقرن الله تعالى في القرآن بين هاتين الصفتين، كقوله ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ﴾ [الرعد: ٦] وقوله ﴿نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ﴾ [الحجر: ٤٩] إلى غير ذلك من الآيات المشتملة على الترغيب والترهيب، فتارة يدعو عباده إليه بالرغبة وصفة الجنة والترغيب فيما لديه، وتارة يدعوهم إليه بالرهبة وذكر النار وأنكالها وعذابها والقيامة وأهوالها، وتارة بهما لينجع في كل بحسبه، جعلنا الله ممن أطاعه فيما أمر، وترك ما عنه نهى وزجر، وصدقه فيما أخبر، إنه قريب مجيب سميع الدعاء جواد كريم وهاب.

وقد قال الإمام أحمد (٢): حدثنا عبد الرحمن، حدثنا زهير عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا، أن رسول الله قال «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط أحد من الجنة، خلق الله مائة رحمة فوضع واحدة بين خلقه يتراحمون بها وعند الله تسعة وتسعون» (٣) ورواه الترمذي عن قتيبة عن عبد العزيز الدراوردي عن العلاء به، وقال: حسن، ورواه مسلم، عن يحيى بن يحيى وقتيبة وعلي بن حجر، ثلاثتهم عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء.


(١) أخرجه مسلم في الذكر حديث ٩٩.
(٢) المسند ٢/ ٤٨٤.
(٣) أخرجه مسلم في التوبة حديث ٢٣، والترمذي في الدعوات باب ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>