أنفق ماله كله ابتغاء وجه الله ﷿، ولم يكن لأحد عنده نعمة يجزيه بها.
وقد قال أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي عند تفسير هذه الآية: أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن أيوب، أخبرنا محمد بن يونس، حدثنا العلاء بن عمرو الشيباني، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، حدثنا سفيان بن سعيد عن آدم بن علي عن ابن عمر قال: كنت عند النبي ﷺ وعنده أبو بكر الصديق وعليه عباءة قد خلها في صدره بخلال، فنزل جبريل فقال: ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال؟ فقال:«أنفق ماله علي قبل الفتح» قال: فإن الله يقول: اقرأ عليه السّلام وقل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال رسول الله ﷺ:«يا أبا بكر إن الله يقرأ عليك السّلام ويقول لك: أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟» فقال أبو بكر ﵁: أسخط على ربي ﷿؟ إني عن ربي راض. هذا الحديث ضعيف الإسناد من هذا الوجه والله أعلم.
وقوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ قال عمر بن الخطاب: هو الإنفاق في سبيل الله، وقيل: هو النفقة على العيال، والصحيح أنه أعم من ذلك، فكل من أنفق في سبيل الله بنية خالصة، وعزيمة صادقة دخل في عموم هذه الآية، ولهذا قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ﴾ كما قال في الآية الأخرى: ﴿أَضْعافاً كَثِيرَةً﴾ … ﴿وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٤٥] أي جزاء جميل ورزق باهر، وهو الجنة يوم القيامة.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ﴾ قال أبو الدحداح الأنصاري: يا رسول الله، وإن الله ليريد منا القرض؟ قال:
«نعم يا أبا الدحداح» قال: أرني يدك يا رسول الله. قال: فناوله يده. قال: فإني قد أقرضت ربي حائطي، وله حائط فيه ستمائة نخلة، وأم الدحداح فيه وعيالها. قال: فجاء أبو الدحداح فناداها يا أم الدحداح. قالت: لبيك، قال: اخرجي فقد أقرضته ربي ﷿، وفي رواية أنها قالت له: ربح بيعك يا أبا الدحداح. ونقلت منه متاعها وصبيانها وإن رسول الله ﷺ قال:«كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح» وفي لفظ «رب نخلة مدلاة عروقها در وياقوت لأبي الدحداح في الجنة».