للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر العرنيين وهم من بجيلة، قال أنس: فارتدوا عن الإسلام، وقتلوا الراعي، واستاقوا الإبل، وأخافوا السبيل، وأصابوا الفرج الحرام.

وقال حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال، عن أبي الزناد، عن عبد الله بن عبيد الله، عن عبد الله بن عمر أو عمرو-شك يونس-عن رسول الله بذلك، يعني بقصة العرنيين، ونزلت فيهم آية المحاربة، ورواه أبو داود والنسائي من طريق أبي الزناد، وفيه عن ابن عمر من غير شك (١).

وقال ابن جرير (٢): حدثنا محمد بن خلف، حدثنا الحسن بن حماد عن عمرو بن هاشم، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن إبراهيم، عن جرير، قال: قدم على رسول الله قوم من عرينة حفاة مضرورين، فأمر بهم رسول الله فلما صحوا واشتدوا، قتلوا رعاء اللقاح، ثم خرجوا باللقاح عامدين بها إلى أرض قومهم، قال جرير فبعثني رسول الله في نفر من المسلمين حتى أدركناهم بعد ما أشرفوا على بلاد قومهم، فقدمنا بهم على رسول الله ، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسمل أعينهم، فجعلوا يقولون: الماء، ورسول الله يقول: النار حتى هلكوا، قال: وكره الله ﷿ سمل الأعين، فأنزل الله هذه الآية ﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ إلى آخر الآية، هذا حديث غريب، وفي إسناده الربذي وهو ضعيف، وفي إسناده فائدة، وهو ذكر أمير هذه السرية، وهو جرير بن عبد الله البجلي، وتقدم في صحيح مسلم أن هذه السرية كانوا عشرين فارسا من الأنصار، وأما قوله: فكره الله سمل الأعين، فأنزل الله هذه الآية، فإنه منكر، وقد تقدم في صحيح مسلم أنهم سملوا أعين الرعاء، فكان ما فعل بهم قصاصا، والله أعلم.

وقال عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، قال قدم على رسول الله رجال من بني فزارة قد ماتوا هزلا، فأمرهم النبي إلى لقاحه، فشربوا منها حتى صحوا، ثم عمدوا إلى لقاحه فسرقوها، فطلبوا فأتي بهم النبي فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر (٣) أعينهم. قال أبو هريرة ففيهم نزلت هذه الآية ﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾، فترك النبي سمر الأعين بعد، وروي من وجه آخر عن أبي هريرة.

وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا أبو القاسم محمد بن الوليد عن عمرو بن محمد المديني، حدثنا محمد بن طلحة عن


(١) سنن أبي داود (حدود باب ٣)
(٢) تفسير الطبري ٤/ ٥٤٨.
(٣) قال في اللسان (سمر): سمر عينه: كسملها. ومن روى الحديث باللام فمعناه فقأها بشوك أو غيره، وقوله سمر أعينهم أي أحمى لا مسامير الحديث ثم كحلها بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>