للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وألقاهم في الحرة قال أنس: فلقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه عطشا حتى ماتوا، ونزلت ﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ الآية، وقد رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه وهذا لفظه، وقال الترمذي: حسن صحيح (١).

وقد رواه ابن مردويه من طرق كثيرة عن أنس بن مالك، منها ما رواه من طريقين عن سلام بن أبي الصهباء، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: ما ندمت على حديث، ما ندمت على حديث سألني عنه الحجاج، قال: أخبرني عن أشد عقوبة عاقب بها رسول الله . قال:

قلت قدم على رسول الله قوم من عرينة من البحرين، فشكوا إلى رسول الله ما لقوا من بطونهم، وقد اصفرت ألوانهم، وضمرت بطونهم، فأمرهم رسول الله أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، حتى إذا رجعت إليهم ألوانهم وانخمصت بطونهم، عمدوا إلى الراعي فقتلوه، واستاقوا الإبل، فأرسل رسول الله في آثارهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم، ثم ألقاهم في الرمضاء حتى ماتوا. فكان الحجاج إذا صعد المنبر يقول: إن رسول الله قد قطع أيدي قوم وأرجلهم، ثم ألقاهم في الرمضاء حتى ماتوا بحال ذود من الإبل، فكان الحجاج يحتج بهذا الحديث على الناس.

وقال ابن جرير (٢): حدثنا علي بن سهل، حدثنا الوليد يعني ابن مسلم، حدثني سعيد، عن قتادة، عن أنس، قال كانوا أربعة نفر من عرينة، وثلاثة نفر من عكل، فلما أتي بهم قطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، ولم يحسمهم وتركهم يلتقمون الحجارة بالحرة، فأنزل الله في ذلك ﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ الآية.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن حرب الموصلي، حدثنا أبو مسعود يعني عبد الرحمن بن الحسن الزجاج، حدثنا أبو سعيد يعني البقال، عن أنس بن مالك قال: كان رهط من عرينة أتوا رسول الله وبهم جهد، مصفرة ألوانهم، عظيمة بطونهم، فأمرهم أن يلحقوا بالإبل فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا فصفت ألوانهم، وخمصت بطونهم، وسمنوا، فقتلوا الراعي، واستاقوا الإبل، فبعث النبي في طلبهم، فأتي بهم، فقتل بعضهم، وسمر أعين بعضهم، وقطع أيدي بعضهم وأرجلهم، ونزلت ﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ إلى آخر الآية.

وقال أبو جعفر بن جرير (٣): حدثنا علي بن سهل، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا يزيد بن لهيعة عن ابن أبي حبيب أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس يسأله عن هذه الآية، فكتب إليه


(١) سنن أبي داود (حدود باب ٢) وسنن الترمذي (طهارة باب ٥٥)
(٢) تفسير الطبري ٤/ ٥٤٩.
(٣) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>