للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأمر الله تعالى إسرافيل بالنفخة الأولى، فيقول: انفخ فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السموات والأرض إلا من شاء الله، ويأمره فيطيلها ويديمها ولا يفتر، وهي كقول الله ﴿وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ﴾ [ص: ١٥] فيسير الله الجبال، فتمر مرّ السحاب فتكون سرابا، ثم ترتج الأرض بأهلها رجا، فتكون كالسفينة المرمية في البحر، تضربها الأمواج تكفأ بأهلها كالقنديل المعلق في العرش ترجرجه الرياح، وهو الذي يقول ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ﴾ [النازعات: ٦ - ٧ - ٨] فيميد الناس على ظهرها وتذهل المراضع وتضع الحوامل، وتشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة من الفزع، حتى تأتي الأقطار فتأتيها الملائكة فتضرب وجوهها، فترجع ويولي الناس مدبرين، ما لهم من أمن الله من عاصم، ينادي بعضهم بعضا، وهو الذي يقول الله تعالى: ﴿يَوْمَ التَّنادِ﴾ فبينما هم على ذلك إذ تصدعت الأرض، من قطر إلى قطر، فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله، وأخذهم لذلك من الكرب والهول ما الله به عليم، ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل، ثم انشقت السماء، فانتثرت نجومها وانخسفت شمسها وقمرها» قال رسول الله «الأموات لا يعلمون بشيء من ذلك» قال أبو هريرة: يا رسول الله من استثنى الله ﷿ حين يقول ﴿فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ﴾ [النمل: ٨٧]؟ قال «أولئك الشهداء» وإنما يصل الفزع إلى الأحياء، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، وقاهم الله فزع ذلك اليوم وآمنهم منه، وهو عذاب الله يبعثه على شرار خلقه-قال-وهو الذي يقول الله ﷿: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ﴾ [الحج: ٢] فيكونون في ذلك العذاب ما شاء الله إلا أنه يطول، ثم يأمر الله إسرافيل بنفخة الصعق، فينفخ نفخة الصعق، فيصعق أهل السموات والأرض، إلا من شاء الله، فإذا هم قد خمدوا، وجاء ملك الموت إلى الجبار ﷿، فيقول: يا رب قد مات أهل السموات والأرض، إلا من شئت، فيقول الله وهو أعلم، بمن بقي فمن بقي؟ فيقول: يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقيت حملة العرش، وبقي جبريل وميكائيل، وبقيت أنا، فيقول الله ﷿: ليمت جبريل وميكائيل فينطق الله العرش، فيقول يا رب يموت جبريل وميكائيل، فيقول اسكت، فإني كتبت الموت على كل من كان تحت عرشي، فيموتان، ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار، فيقول يا رب: قد مات جبريل وميكائيل، فيقول الله وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي الذي لا تموت، بقيت حملة عرشك، وبقيت أنا، فيقول الله: لتمت حملة العرش فتموت، ويأمر الله العرش فيقبض الصور من إسرافيل، ثم يأتي ملك الموت فيقول: يا رب قد مات حملة عرشك، فيقول الله وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي؟ فيقول: يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقيت أنا، فيقول الله: أنت خلق من خلقي، خلقتك لما رأيت فمت،

<<  <  ج: ص:  >  >>