للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿الْمُتَلَقِّيانِ﴾ الآية وقوله ﴿حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ أي احتضر وحان أجله ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا﴾ أي ملائكة موكلون بذلك، قال ابن عباس وغير واحد: لملك الموت أعوان من الملائكة، يخرجون الروح من الجسد فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم، وسيأتي عند قوله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ﴾ [إبراهيم: ٢٧] الأحاديث المتعلقة بذلك الشاهدة لهذا المروي عن ابن عباس وغيره بالصحة.

وقوله ﴿وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ﴾ أي في حفظ روح المتوفى، بل يحفظونها وينزلونها حيث شاء الله ﷿، إن كان من الأبرار ففي عليين، وإن كان من الفجار ففي سجين، عياذا بالله من ذلك.

وقوله ﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ﴾ قال ابن جرير (١): ﴿ثُمَّ رُدُّوا﴾ يعني الملائكة ﴿إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ﴾.

ونذكر هاهنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا ابن أبي ذئب، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، ، عن النبي أنه قال: «إن الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح، قالوا:

اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فلا تزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها فيقال من هذا؟ فيقال فلان، فيقال مرحبا بالنفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فلا تزال يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله ﷿، وإذا كان الرجل السوء، قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق، وآخر من شكله أزواج، فلا تزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان، فيقال: لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة فإنه لا يفتح لك أبواب السماء فترسل من السماء ثم تصير إلى القبر، فيجلس الرجل الصالح، فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول، ويجلس الرجل السوء، فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول» (٢).

هذا حديث غريب، ويحتمل أن يكون المراد بقوله ﴿ثُمَّ رُدُّوا﴾ يعني الخلائق كلهم إلى الله يوم القيامة، فيحكم فيهم بعدله، كما قال ﴿قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الواقعة: ٥٠] وقال ﴿وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً﴾ إلى قوله ﴿وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾


(١) تفسير الطبري ٥/ ٢١٦.
(٢) مسند أحمد ٢/ ٣٦٤ - ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>