الحجيج إذا صادف يوم الجمعة يوم عرفة فإنهم يصلونها ظهرًا، كما فعله المصطفى عليه الصلاة والسلام، لا يصلون جمعة؛ ولهذا صلى الظهر ركعتين، وصلى العصر ركعتين، بأذان واحد وإقامتين، فهذا هو السنة للحجاج لفعله عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك تقدم إلى عرفات، فوقف عند الصخرات أو جبل الدعاء، ويسمى جبل الرحمة، وجعل وجهه إلى القبلة عليه الصلاة والسلام، وجعل طريق المشاة بين يديه، فلم يزل يدعو ويضرع إلى الله رافعًا يديه حتى غابت الشمس، فهذا يدل على أن هذا هو المشروع للحجاج، بعد صلاة الجمع الظهر والعصر، يتوجهون إلى عرفات، إن كانوا خارج عرفات، وإن كانوا في عرفات استقبلوا القبلة واجتهدوا في الدعاء والذكر، اقتداء به عليه الصلاة والسلام، وقال لهم عليه الصلاة والسلام، لما وقف عند الصخرات واستقبل القبلة، قال:«وقفت ها هنا، وعرفة كلها موقف»(١)
فدل ذلك على أن جميع أجزاء عرفة كلها موقف، وأن الحاج يقف في أي جزء من عرفات، فيكفيه ذلك، والسنة استقبال القبلة حال الدعاء والذكر، سواء كان الجبل أمامه أو عن يمينه أو شماله أو خلفه، يستقبل
(١) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف، برقم (١٢١٨).