فإذا كان المسلم لا يستطيع إظهار دينه، بل يخشى على نفسه؛ فإنه يلزمه أن يهاجر مع القدرة؛ لأن الله سبحانه أوجب الهجرة على المسلمين مع القدرة، وقد هاجر المسلمون من مكة إلى الحبشة، ثم هاجروا إلى المدينة، لما آذاهم الكفار في مكة، فإذا كان الإنسان في بلد يؤذيه الكفار ويمنعونه من إظهار دينه، أو يخشى على نفسه من الفتنة والكفر، فإنه يلزمه أن يهاجر إلى بلاد يستقيم فيها دينه، ويأمن فيها على دينه إذا استطاع؛ لأن الله قال - جل وعلا - {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ}، المستضعف مستثنى، فإذا كان يستطيع وجب عليه أن يهاجر إلى بلد الإسلام، وبلد الأمن والعافية، لكن إذا كان مقامه في بلاده أصلح للمسلمين وأنفع للمسلمين، وهو يقوى على الإقامة للدعوة إلى الله والتوجيه إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحفاظ على بقية المسلمين، فهذا أولى، وقد يجب عليه الجلوس لما في بقائه من مصلحة للمسلمين، والحماية لهم من مكايد الأعداء، ودعوتهم إلى الخير وتبصيرهم بدينهم.