ج: وهذا مثل ما تقدم لأن مشاهدة صاحب الغيرة، وصاحب العلم لمنكرات كثيرة، وقلة المنكرين لها وفشوِّها في غالب المجتمعات لا شك أنه يؤلم المؤمن، ولا شك أنه يجد منه عصرة في قلبه، وحسرة في قلبه؛ لكونه يعجز عن إنكار هذا المنكر، والقضاء عليه، فيتألم لذلك، حتى بلغنا عن بعض السلف أنه إذا رأى المنكر يبول دمًا، من شدة ما يقع في قلبه من التألم، فالحاصل أن أصحاب الغيرة وأصحاب العلم والفضل، يتألمون كثيرًا مما يشاهدونه من المنكرات، وهم عاجزون عن إنكارها والقضاء عليها، ويفرحون إذا وجد من ينكرها ويستطيع الدعوة إلى تركها، هذا لا شك أن يبشر بخير، ولكن نبشرهم أنهم على خير، وأنه ينبغي لهم ألاَّ ييأسوا وألاَّ يقنطوا، وأن يستمروا في إنكار المنكر حسب طاقتهم، وأنه لا يكفي مجرد التألم، بل لا بد مع التألم من إنكار المنكر، بالطرق التي شرعها الله باليد عند القدرة ثم اللسان عند القدرة، ثم القلب لكراهة المنكر، وعدم المجالسة لأهله، هكذا يكون المؤمن أينما كان، ولا ييأس أبدًا، فالله سبحانه يقول:{وَلاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}، فالواجب