للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لا يورد ممرض على مصح (١)» يعني لا يورد صاحب الإبل المراض على صاحب إبل صحاح، من باب تجنب أسباب الشر، وقال: «فر من المجذوم فرارك من الأسد (٢)»، هذا من أسباب اجتناب الشر، فالعدوى التي يعتقدها الكفار باطلة، وهو كون المرض ينتقل بنفسه، ويعدي بطبعه من دون قدر الله، ولا مشيئته هذا باطل، أما كون المرض ينتقل من المريض إلى الصحيح بإذن الله، فهذا قد يقع، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فر من المجذوم فرارك من الأسد» يعني لا تجالسه، قد ينتقل مرضه إليك، وقال: «لا يورد ممرض على مصح»، يعني إذا ورد الجميع الماء.

فالممرض صاحب الإبل المراض، لا يوردها مع صاحب الإبل الصحاح، بل يكون هذا له وقت، وهذا له وقت، بعدا عن العدوى، وبعدا عن انتقال المرض من المريضة إلى الصحيحة.

والخلاصة: أن الشريعة جاءت باجتناب أسباب الشر، مع الإيمان بأن الأمور بيد الله، وأنه لا يقع شيء إلا بقضائه وقدره سبحانه، فاعتقاد المشركين أن العدوى تنتقل حتما بنشرها وطبعها هذا باطل، أما كونه ينتقل بإذن الله، إذا شاء فهذا واقع، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأسباب


(١) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم ٥٧٧١
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم ٩٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>