فقد عقله؛ لأنه أقرب إليه، ولأن مثله مدفوع مكره إلى النطق، لا يستطيع التخلص من ذلك لشدة الغضب، وهذا القول أظهر وأقرب، وأن حكمه حكم من فقد عقله في هذا المعنى، في عدم وقوع طلاقه وفي عدم ردته، لأنه يشبه بفاقد الشعور، بسبب شدة غضبه، واستيلاء سلطان الغضب عليه، حتى لم يتمكن من التخلص من ذلك، واحتجوا على هذا بقصة موسى عليه الصلاة والسلام، فإنه لما وجد قومه على عبادة العجل اشتد غضبه عليهم، وجاء وألقى الألواح، وأخذ برأس أخيه يجره إليه، من شدة الغضب، فلم يؤاخذه الله لا بإلقاء الألواح، ولا بجر أخيه وهو نبي مثله، من أجل شدة الغضب، ولو ألقاها تهاونا بها، وهو يعقل لكان هذا عظيما، ولو جر النبي بلحيته أو برأسه فآذاه صار كفرا، هذا إذا جره إنسان، لكن لما كان موسى في شدة الغضب العظيم، غضبا لله عز وجل مما جرى من قومه سامحه الله، ولم يؤاخذه بإلقائه الألواح، ولا بجر أخيه، هذه الحجة للذين قالوا: إن طلاق الذي اشتد به الغضب لا يقع، وهكذا سبه لا تقع به ردة، وهو قول قوي ظاهر، وله حجج أخرى كثيرة، بسطها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والعلامة ابن القيم، واختارا هذا القول، وهذا القول أرجح عندي وهو الذي أفتي به؛ لأن من اشتد غضبه ينغلق عليه قصده، ويشبه المجنون في تصرفاته وكلامه القبيح، فهو أقرب إلى المجنون والمعتوه منه إلى العاقل السليم، هذا القول أظهر وأقوى، لكن لا مانع من كونه يؤدب إذا فعل شيئا من وجوه الردة من باب الحيطة، ومن باب