للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض أهل العلم: ينقض مع الشهوة، وهي التلذذ بمسها، ولا ينقض المس بدون ذلك، والصواب: قول من قال: إنه لا ينقض مطلقا؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قبل بعض نسائه، ثم صلى ولم يتوضأ.

ولأن الأصل سلامة الطهارة وعدم انتقاضها إلا بدليل، وليس هناك دليل واضح ثابت يدل على انتقاضها بمس المرأة، فوجب حينئذ أن تبقى الطهارة على حالها، ولا تنتقض بالمس لعدم الدليل على ذلك، بل لوجود الدليل على أن مسها لا ينقض ولو كان بشهوة؛ لأن القبلة في الغالب لا تكون إلا عن شهوة عن تلذذ، فالحاصل أن الصواب والراجح من أقوال العلماء أن مس المرأة بشهوة، أو بغير شهوة لا ينقض الوضوء، سواء إن كانت زوجته أو غير زوجته، هذا هو الصواب، وأما قوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (١)، وفي قراءة: (أو لمستم النساء)، فالمراد بذلك على الصحيح الجماع، هذا قول ابن عباس وجماعة من أهل العلم وهو الصواب، أما قول من قال: إن المراد به مس المرأة كما يروي عن ابن مسعود رضي الله عنه، يعني مسها باليد فهذا مرجوح، والله جل وعلا يعبر عن الجماع بالمسيس واللمس والمباشرة، كما في قوله جل وعلا: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (٢)، وقال هنا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (٣)، فالمراد


(١) سورة المائدة الآية ٦
(٢) سورة البقرة الآية ١٨٧
(٣) سورة المائدة الآية ٦

<<  <  ج: ص:  >  >>