للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مست النار (١)» فقوله: كان آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار.

لا حجة فيه؛ لأن هذا عام، ويفسر بأنه أكل لحم غنم، وتوضأ ثم صلى، ثم أكل من بقية اللحم، ثم صلى الصلاة الثانية، ولم يتوضأ.

وجاء في عدة أحاديث أنه أكل من لحم الغنم، ولم يتوضأ.

فدل ذلك على أن ما مست النار نسخ الوضوء منه؛ لأنها جاءت أحاديث كثيرة عنه عليه الصلاة والسلام، أنه أكل مما مست النار، ثم أكل ولم يتوضأ، فدل ذلك أن الأمر بالوضوء مما مست النار قد نسخ، وقال قوم: إنه لم ينسخ، ولكنه بقي للندب فقط.

ولكن الأظهر النسخ؛ لأنه قال للبراء: «توضؤوا من لحوم الإبل، ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم (٢)» فدل على أنه غير مشروع، ولا مستحب، قال: «لا تتوضؤوا من لحوم الغنم (٣)».

وفي لفظ آخر: «إن شئت (٤)» فدل ذلك على أنه لا يجب، ولا يشرع، وإنما الواجب الوضوء من لحوم الإبل خاصة، وأما الوضوء مما مست النار، مثل ما قال جابر فقد نسخ، وكان آخر أمر للنبي صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار، هذا هو القول الفصل لهذه المسألة.


(١) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما غيرت النار، برقم (١٨٥).
(٢) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل، برقم (٤٩٧).
(٣) سنن الترمذي الطهارة (٨١)، سنن أبي داود الطهارة (١٨٤)، مسند أحمد (٤/ ٣٠٤).
(٤) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>