للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ القرآن وهو جنب، عليه الصلاة والسلام، ولأن الجنب يعني وقته قصير يستطيع في الحال أن يغتسل ويقرأ، ما هناك له موانع، لكن الحائض تحتاج إلى أيام وليال، ليس باختيارها، وهكذا النفساء أطول وأطول، فلهذا الصحيح أنه لا حرج عليها في قراءة القرآن عن ظهر قلب، من المصحف، وبهذا تعلم أن الحائض تشارك في كل شيء من الخير، ولا تمنع ما عدا مس المصحف وما عدا الصلاة؛ لأنها لا تصلي ولا تصوم حتى تنتهي من حيضها ونفاسها، ثم تقضي الصوم دون الصلاة، وليس عليها قضاء الصلاة؛ لأن الله سامحها، سامح الحائض والنفساء، فالصلاة لا تقضيها، ولا تجب عليها مدة الحيض والنفاس، لكن الصوم تقضيه بعد طهرها بعد رمضان، تقضي ما أفطرت من الأيام.

سئلت عائشة رضي الله عنها، قالت السائلة: يا أم المؤمنين، ما بالنا نقضي الصوم ولا نقضي الصلاة؟ فقالت عائشة رضي الله عنها: «كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (١)». يعني من النبي صلى الله عليه وسلم، كان يأمرهن بقضاء الصوم، ولا يأمرهن بقضاء الصلاة، وبهذا علم أن الصوم يقضى والصلاة لا تقضى، وهذا محل إجماع عند المسلمين، فقد أجمع العلماء على أن الصلاة لا تقضى في حق الحائض والنفساء، ولكنهما تقضيان الصوم فقط؛ صوم رمضان، فالحاصل أن الحائض والنفساء يشرع لهما ذكر الله، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، وحضور حلقات العلم، وسماع القرآن ممن يتلوه، والإنصات لذلك،


(١) صحيح البخاري الحيض (٣٢١)، صحيح مسلم الحيض (٣٣٥)، سنن الترمذي الطهارة (١٣٠)، سنن النسائي الصيام (٢٣١٨)، سنن أبو داود الطهارة (٢٦٢)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٦٣١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٣٢)، سنن الدارمي الطهارة (٩٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>