للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند أهل العلم، فالصواب أن الحائض والنفساء لهما القراءة عن ظهر قلب من غير مس المصحف، كالمحدث حدثا أصغر يقرأ ولكن لا يمس المصحف، أما الجنب فلا يقرأ لا عن ظهر قلب، ولا عن مس المصحف حتى يغتسل؛ لأن الجنب مدة قصيرة متى فرغ من حاجته اغتسل، فلهذا كان أمره خاصا، والحجة في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أصابته جنابة لا يقرأ القرآن، كما ثبت من حديث علي رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة (١)». وفي رواية أنه لما خرج من قضاء الحاجة قرأ بعض القرآن، وقال: «هذا لمن ليس جنبا، أما الجنب فلا ولا آية (٢)» فدل ذلك على أن الجنب لا يقرأ القرآن حتى يغتسل، والحائض والنفساء لا تقاسان عليه؛ لأن مدتهما تطول، ففي حرمانهما من القرآن مشقة عظيمة، فلهذا الصواب أنهما تقرآن، لكن من دون مس المصحف، ولا يجوز قياسهما على الجنب، فإن دعت الحاجة إلى القراءة من المصحف جازت من وراء حائل، كأن تمسه من وراء قفازين، أو يمسه لها غيرها، تمسكه عليها بنتها، أو أختها الطاهرة، وتقرأ بالنظر إليه من غير أن تمسه، لا بأس بهذا، ولكن مسها له لا يجوز حتى تطهر، كالمحدث وكالجنب أيضا حتى يغتسل، أما هي فإنها تقرؤه عن ظهر قلب كالمحدث حدثا أصغر، هذا


(١) سنن الترمذي الطهارة (١٤٦)، سنن النسائي الطهارة (٢٦٥)، سنن أبو داود الطهارة (٢٢٩)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٥٩٤)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١٢٤).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (٨٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>